... إنّ السؤال الجوهري، الذي ينبغي طرحه، في هذه المرحلة من تاريخ المملكة والدولة الأردنية هو: هل ما يحدث في جوارنا، والعالم، والمناخ، والكون قاطبة، يلغي، نظرتنا إلى استشراف مستقبل المملكة النموذج، في صيرورة الأمن والأمان؟
وما هو ذلك الأمر المرجو أن يتوافق عليه المجتمع، في ظل بنية سياسية واقتصادية واجتماعية، بات لها ثقافته وصوته الذي حقق له الأمن والأمان؟
الشاهد على ذلك، صوت الملك عبدالله الثاني في ميمونة خطاب العرش السامي، وضع إجابات ملكية، لها رؤية سامية ناظمة لقصة العلاقة الجامعة بين شخصية الملك عبدالله الثاني، والشعب الأردني، والجنود، والاعلاميين، والمزارعين والأطباء والممرضين، وكل اجهزتنا الوطنية والامنية، كما يعشق الملك، التفاؤل والصبر والتطور. عند شباب الأردن، وهم شباب الدولة في مئويتها الثانية، التي يراها الملك، قوية، حضارية، لها مكانة في مستقبل الشعوب.
كيف ذلك؟
في افتتاح الدورة العادية الثانية لمجلس الأمة التاسع عشر، كان الحدث: خطاب العرش السامي.
قبة مجلس الأمة، جناح مجلس الأعيان، وفي الجناح الثاني مجلس النواب، وبالطبع للسلطة التنفيذية وجودها، رئيس الوزراء د. بشر الخصاونة، يستمع بانتباه لخطاب العرش السامي، الذي عزز فيه الملك قوة كل الأردنيين من شتى الأصول والمنابت، جاعلا حلاته، صدره وفكره أمام تحذيرات كانت واضحة، صقلها الملك بوعي مستنير وإيمان بأننا في الأردن، نستطيع التحول والتحديث، وتجديد نهج وعقل وقرار الدولة، سعيا لرقي المملكة، يكون ذلك هو:
*اولا:
الاعتبار والحكمة وحسن الاختيار في تولي المسؤوليات وتوزيع العمل والتنفيذ والتحديث المعاصر.
*ثانيا:
قبول المحاسبة وسلطة المراقبة الإدارية الناظمة لقوانين الحقوق العامة، والبنية السياسية والإعلامية والاقتصادية، والثقافية، دعما لتغيير الحياة والتكيف الثقافي للمجتمع بمعتقداته وثوابته ومؤسساته الداعمة للعمل الإبداعي والاجتماعي والسياسي والاقتصادي.
*ثالثا:
دوما كان وما زال الملك، يكفل عمل واستدامة، الأفكار واللجان الوطنية والقومية وحقق لها المقتضى القانوني الدستوري وفق ايمان هاشمي موروث بأن التاج الملكي حامي، الدستور الأردني المؤثر.
قدّر الملك، في خطاب العرش، دور الشعب الاردني، الذي نبذ السلبية، ما يمهد لحماسة الشباب للعمل السياسي والمشاركة الحزبية ونهضة الدولة ومنظومتها السياسية الدستورية.
لم يكن الملك متشائما، بل نبذ فكرة وجود تراجع وتردد في بعض المفاصل من الأعمال وتحدي الازمة: على مؤسسات الدولة تبني مفهوم جديد للإنجاز الوطني يلمس نتائجه المواطنون ولن نقبل بالتراجع أو التردد»، الملك قال بهدوء ونظرة مستقبلية.
.. ومن قوة الاب النبيل، ألمح الملك، ان علينا نبذ الخوف والتشاؤم وعدم الالتزام، فقد باتت المملكة نموذجا للحق والحقيقة والتماسك الاجتماعي والوعي الثقافي والاعلامي، وضع مؤشرات ذلك الملك، عندما حدد مراحل الانطلاق لتنفيذ رؤية جلالته للتحويل والتحديث الاقتصادي والسياسي والإصلاح، والتنمية والتغير الثقافي والسياحة والتربوية، عدا عن قدرتنا على تطوير قدرات الجيش العربي الهاشمي والأجهزة الأمنية كافة، وهذه المؤشرات:
*1.:
قطعنا شوطا مهما في إرساء القواعد الراسخة لتحديث الدولة وتعزيز منعتها.
*2.:
مملكتنا الأردنية الهاشمية، الوطن، لم يبنه المتشائمون والمشككون وإنما تقدم وتطور بجهود المؤمنين به من أبنائه وبناته.
*3.:
هدفنا جميعا خدمة أجيال الحاضر والمستقبل تحقيقا لطموحات شعبنا العزيز وتطلعاته.
4.:
التحديث الشامل بمساراته السياسية والاقتصادية والإدارية يشكل مشروعا وطنيا كبيرا يجب أن تدور حوله كل الأهداف الوطنية، ذلك أن رؤية التحديث الاقتصادي ملزمة للحكومات ومعيار قياس أدائها والتزامها أمام مجلس الأمة.
*5.:
الوطن الأردني الهاشمي، العربي، القومي، الذي تأسس على مبادئ العدالة والكرامة الوطنية يمضي بمسيرته في التحديث تحت سيادة القانون.
لهذا يرى الملك: تحديث المسارين السياسي والاقتصادي لا يكتمل دون إدارة عامة كفؤة.
*6.:
قال الملك أمام مجلس الأمة، ما ينبذ كل أشكال المتشائمين، ويضع أمامهم فرص مواكبة القيادة والإنتاج والتنفيذ، فالأردن الجديد عنوانه شباب الوطن وشاباته، طموحهم الذي لا حدود له وعزيمتهم التي لا تلين، وأن إصرار الملك يفتح امامنا: لا بد من اغتنام موقع الأردن المميز لبناء شراكات عربية وإقليمية واسعة تحقق المصالح المشتركة وتعزز مكتسباتنا الوطنية.
*7.:
الملك صاحب الرؤية السامية، يضعنا حكومة وشعبا وسلطة تشريعية، أمام الأمل، فالملك لا يخاف من «غياب أفق للحل السياسي»، بل يقول بكل تفاؤل: ينبغي ألا يحول -ذلك- دون مواصلة العمل من أجل دعم الأشقاء الفلسطينيين اقتصاديا لتعزيز صمودهم.
.. كما أن هذا الدور المحوري للأردن، يقول الملك:
سيبقى منصبا على الدفاع عن القضية الفلسطينية، التي كنا وما زلنا وسنبقى على مواقفنا الداعمة لها، وهي على رأس أولوياتنا ولا سبيل لتجاوزها إلا بحل عادل وشامل يبدأ بانتهاء الاحتلال الإسرائيلي وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.
والتزاما بمسؤوليتنا التاريخية، التي نحملها بكل أمانة، سنواصل دورنا في حماية ورعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، من منطلق الوصاية الهاشمية عليها.
*8.:
كلنا مع الجيش العربي الأردني الهاشمي، ويدا بيد مع قوتنا.. أمامنا، فكانت إشارة الابتسامة، ثقة لنشامى القوات المسلحة والأجهزة الأمنية: نحن معكم وأنتم معنا صفا واحدا وقلبا واحدا من أجل الأردن الأعز والأقوى.
*9.:
يرنو الملك، بحكمة هاشمية متوارثة ابا عن جد، نحو نظرات الشعب، يشتاق ليقول للشعب، كما قال للسلطات الدستورية الثلاث:
إن التحديث الشامل بمساراته السياسية والاقتصادية والإدارية يشكل بكل جوانبه مشروعا وطنيا كبيرا، يجب أن تدور حوله كل الأهداف الوطنية وتسخر الجهود والموارد لتحقيقه. وعلى مؤسسات الدولة تبني مفهوم جديد للإنجاز الوطني يلمس نتائجه المواطنون، ولن نقبل بالتراجع أو التردد في تنفيذ هذه الأهداف.
فأبان، وزاد الملك القائد الأعلى، معززا نبذ وترك تلون المتشائلين، الذين اختلط عندهم التفاؤل والتشاؤم، التقدم بالتراجع،.. هنا فند خطاب العرش السامي، نبه بقوة إلى أن:
=التحديث السياسي:
هدفه مشاركة شعبية أوسع في صنع السياسات والقرارات من خلال أحزاب برامجي.
= مسار التحديث الاقتصادي: فهدفه هو تحسين مستوى معيشة المواطنين وتوفير فرص التشغيل والاستثمار بالاستناد إلى العمل الاستراتيجي، حتى تعود الحيوية إلى كل القطاعات الإنتاجية ويتعافى الاقتصاد من جديد.
.. بالطبع كل مسار، لا يكتمل مع الآخر، دون إدارة عامة كفؤة، توفر أفضل الخدمات للمواطنين وتعتمد التكنولوجيا الحديثة وسيلة لتسريع الإنجاز ورفع مستوى الإنتاجية، وبالتالي:
لا بد للسلطتين التنفيذية والتشريعية أن تتعاونا معا في إطار الفصل المرن الذي كفله الدستور لتحقيق الأهداف المنشودة وتقييم سير العمل في مشروع التحديث الشامل لتجاوز العقبات والعثرات، التي قد تظهر عند التطبيق، كي نضمن البقاء على المسار الصحيح.
*عربيا وإقليمياً ودوليا:.. قيادة الملك وإلى جانبه سمو ولي العهد، والديوان الملكي الهاشمي والحكومة والجيش العربي، والإعلام الأردني الوطني، كل من جانبه، يدعم ويواصل، مع الملك، بحسب خطاب حلالته: القيام بدوره المحوري في الإقليم بمواكبة المتغيرات المتسارعة من حولنا في المنطقة والعالم، مستثمرا هذا الموقع الجيوسياسي المتميز، الذي يمثل نقطة ربط حيوية بين الدول، ولا بد من اغتنامها عبر بناء شراكات عربية وإقليمية واسعة تحقق المصالح المشتركة وتعزز مكتسباتنا الوطنية.
*.. خطاب العقد الفريد:
عمليا، جاء خطاب العرش، واثقا مؤمنا، بقيادة الملك لعقد من الزمان، عندما استشرت على العالم الاوبئة والحروب والأزمات الداخلية، هنا، شكل خطاب الملك عبدالله الثاني، لحظة تحقق فيها «الإرادة السياسية»، و"الإرادة الوطنية»، و"الارادة الامنية»، من أجل «بناء نظام حياة وتنمية سياسية وثقافية، تدعم هويتنا الوطنية وأصالة الملوك الهواشم، الذين اسسوا دولة العرب، وثورة العرب الكبرى، وكانوا بناة حقيقيين، ما يتيح المشاركة الحقيقية لكل الشعب الاردني، في الوطن لتجتمع فيها مختلف الرؤى والتصورات، لوضع نظام اقتصادي يكون هدفه الارت?اء بحياة الناس أفراداً ومؤسسات، وتحسين جودة حياتهم، وأمنهم وتطلعاتهم.
.. سيدنا، بكل بهاء التاج والعرس الهاشمي، كلنا نفتدي تلك النظرة البهية من ملك, هاشمي، وصي على البلاد والعباد والأوقاف.. يؤمن بالأمل والمحبة والسلام.
[email protected]