أظهرت الانتخابات الإسرائيلية أن ما نوهنا إليه، بأن هناك تحولاً حقيقياً في بنية المجتمع الإسرائيلي، وجرأة غير مسبوقة في التصريح ودون التلميح، إلى العداء للشعب الفلسطيني أولاً والعربي والمسلم ثانياً، وهو ما أفرزته نتائج الانتخابات والتي تمخض عنها اكتساح للاحزاب اليمينية المتطرفة باغلبية 64 مقعداً بقيادة الليكود وبرئاسة بنيامين نتنياهو من أصل مئة وعشرين مقعداً، وتراجع ملحوظ للتمثيل العربي الفلسطيني بعشرة مقاعد وتراجع لليسار وهي نتائج تم تداولها وقراءتها بشكل متكرر.
من هنا نود أن نسلط الضوء على انعكاسات ذلك على الأردن بشكل مباشر وغير مباشر كون غالبية مكونات هذا التحالف اليميني العنصري يظهر دون تحفظ عداءه المستمر للأردن، ويعتبر أن حل القضية الفلسطينية من خلال مشروع الترانسفير أي التهجير القصري لكل المكونات العربية في فلسطين التاريخية، ونعني هنا أن العداء ليس فقط للفلسطينيين في الضفة والقطاع، إنما إيضا لفلسطينيي الخط الأخضر، وأن الليكود بزعامة نتنياهو لا يستطيع بأي شكل من الأشكال النفاذ بتشكيل حكومة دون اعطاء تلك الأحزاب وعلى رأسها الصهيوينة الدينية حقائب سيادية، وخاصة ?لأمنية منها، وهو ما تطالب به تلك الجماعات وعلى رأسها بن غفير الصهيوني المتطرف والذي يعلن دائما عن عدائه للعرب أولا وللفلسطينيين ثانيا، ويطالب بترسيخ سياسة الإحلال المكاني، وهو الذي كان يتبجح في وجوده في حي الشيخ جراح متحديا قرارات المحاكم الصهيونية نفسها.
كل ذلك سيضع الأردن أمام تحد جديد غير مسبوق قائم على مواجهة فعالة لأي تحرك يستهدف الثوابت السياسية الأردنية، وخاصة فيما يخص الوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، وأن معيار المواجهة يجب أن يستند إلى تفعيل مخرجات القمة العربية الخاصة بالقضية الفلسطينية وفي الوصاية الهاشمية، وأن تتلمس «الخارجية» الاردنية برنامج هذه الحكومة لاستباق مفهوم المواجهة من خلال تحديد آليات في التعاون مع هذا الكيان ضمن إطار منظومة الخروقات لاتفاقية وادي عربة وإظهارها في كل محفل لبعث برسالة واضحة المعالم أن أ? اجراء يستهدف الوصاية الهاشمية وحل الدولتين، أو يستهدف التهجير القصري للفلسطينيين يعتبر خطا احمر فاقعا لن يسمح الأردن بتجاوزه، وأن مستوى معايير الاشتباك مع هذا الكيان يجب أن يلتقي بالتوازي مع مستوى التصعيد..
نحن نمر بمرحلة غابت فيها القضية الفلسطينية عن الأجندات الإعلامية الدولية، وحتى مستوى القتل الذي تصاعد ضد الشعب الفلسطيني لم يلق انعكاسه وتأثيره على سياسات الدول الغربية، لذلك فان الأهم من كل ما سبق رفع مستوى التنسيق والتعاون بيننا وبين السلطة الفلسطينية، من أجل دعم مشروعها الجديد والذي سيقدم للأمم المتحدة باعتبار أن الأراضي الفلسطينية المحتلة أراض ضمتها دولة الاحتلال إليها، ويجب التعامل مع هذا المستجد على اساس انها اراض سيادية محتلة من دولة اخرى وهو ما جعل الكيان الصهيوني، منذ اللحظة الاولى العمل على إجهاض?هذا القرار وهو قرار وتوجه يؤدي الى إيجاد قوات دولية للفصل بين الجانبين، وهو توجه ايضا يعترف ضمنيا بالدولة الفلسطينية المستقلة كما طرحها جلالة الملك بأن لا حل ولا استقرار في المنطقة دون حل الدولتين القائم على حدود الرابع من حزيران من عام 1967 وعاصمتها القدس الشريف، وأن الدبلوماسية الأردنية تمارس بامتياز هذا الدور على كل الأصعدة ومن خلال وضع القضية الفلسطينية في أي حوار سياسي، وأن أي انطلاق إلى عزل الشعب الفلسطيني عن منظومة التشبيك الإقليمي لن يؤدي إلى نتيجة فقد نوه سمو ولي العهد إلى ذلك عندما قال ان إيجاد ش?كة للتعاون والتكامل الاقتصادي بما معناه هو الرافعة الحقيقية لمواجهة الأزمات الدولية المنعكسة على إقليمنا، وهو أيضا سلاح فعال لاستقلالية القرار السياسي والاقتصادي، لذلك فان التمكين في المجال الاقتصادي من خلال استراتيجية التشبيك الملكية هي سلاح فعال من أسلحة المواجهة للتحول اليميني العنصري الذي سيشكل برنامج عمل حكومة دولة الاحتلال القادمة إضافة إلى رفع مستوى التبادل التجاري، والذي تطور بشكل ملحوظ على قاعدة الإحلال البضاعي الأردني هو ايضا سلاح من أسلحة المواجهة الشاملة لكل تعد على الثوابت السياسية والاقتصادية?والروحية والاجتماعية للمملكة الأردنية الهاشمية، والتي يقودها بصبر وثبات وحكمة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.