خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

أبعاد كلمة جلالة الملكة رانيا العبدالله في قمة الويب

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. ردينة العطي

للمرة الأولى يشارك الأردن في قمة «الويب» في لشبونة بالبرتغال، وهو مؤتمر تقني يقام سنويا وهو أكبر حدث تقني في العالم، والذي يعمل على بروتكولات للأنترنت والتكنولوجيا الناشئة وراس المال المخاطر.

وبما أن هذا المؤتمر يستضيف أبرز الشخصيات على الصعيد السياسي للمشاركة فيه عالميا ومشاهير مثل الأمين العام للأمم المتحدة وآل غور نائب الرئيس الأميركي وأيلون مسك وستيفن هوكنج ضمن هذا الإطار وبرئاسة وفد من الأردن من قبل جلالة الملكة رانيا العبدالله، تمت مشاركتها بشكل فعال وقد لقيت كلمة جلالتها ترحيبا وقبولا استثنائيا، ذلك لأن جلالتها ألقت بكلمة تضمنت الغوص العميق فيما أعتبره أنسنة للسلوك التكنولوجي، أي أن يكون البعد الإنساني هو الحاضر دائما في سياق البروتكولات الدولية لضبط وتنظيم آلية التعاون وأهدافها مع تكنولوجيا المعلومات وحذرت جلالة الملكة (اعتماد الإنسانية المتزايد على التكنولوجيا)، ودعت إلى تركيز أكبر على تحسين حياة الضعفاء وهو ما لفت انتباه معظم المشاركين والمراقبين وذلك لأنها أوضحت (أن تمسكنا بالتكنولوجيا ليس مجرد عادة، بل نوع من الإدمان. مشيرة إلى نتائج تقرير النظرة العالمية الرقمية لعام 2022 في أنه خلال العام الماضي، ارتفع المتوسط اليومي للوقت الذي نقضيه على الأنترنت بواقع أربع دقائق في اليوم، وجمع تلك الدقائق على مدار عام ستصل إلى يوم كامل، لكل شخص).

وكان لافتا الواقع المقارن الذي تجسد في كلمتها وذلك بإعطاء الفروق التناقضية بين الوقت في بعده الزماني وأهميته للفرد عندما قالت (إذا أخبرنا أحد بأن لدينا يوم إضافي كل عام، هل سنستنتج أن أفضل ما يمكننا القيام به من أجل أُسرنا ومجتمعاتنا وعالمنا، هو أن نعيد استثمار تلك الأربع وعشرين ساعة الإضافية أمام شاشاتنا؟).

وهذا معيار يعيد تحديث الذاكرة الجمعية للبشرية بأهمية الوقت، وأننا لا يمكن أن نستخف بهذه القيمة الوجودية عندما قالت جلالتها (يُقلقني من أننا نستخف بقيمة أغلى عملة في عالمنا وقتنا ويُقلقني أنه حتى مع تطور الواقع الافتراضي مع الأيام، إلا أننا نتجاهل احتياجات واقعنا الفعلي).

وكانت هناك لمسة تنم عن معرفة عميقة بواقع ربط الدال بالمدلول عندما تطرقت الى تقسيم هذه القيمة في الدقائق المهدورة واسترجاعها من خلال ابعاد اخرى لتركز جلالتها على أن كل دقيقة تعتبر وجودا كاملا عندما قالت (استرجاع الدقائق الأربع الإضافية التي تُقضى على الأنترنت يومياً، وأشارت إلى أن الدقيقة الأولى يجب أن تذهب «من أجل حشد تعاطف جماعي... بدءاً من اليقين أن كل إنسان له نفس القيمة) عندما تطرقت جلالتها بشكل ذكي ينم على عمق معرفتها بالواقع السياسي الدولي عندما تطرقت الى ازدواجية المعايير في علاج القضايا ذات البعد الإنساني عندما قالت هنا (أنه في الوقت الذي أظهرت فيه استجابة العالم لأزمة اللجوء الأوكراني ما يمكننا تحقيقه عبر العمل المشترك، كان هناك اختلاف ملحوظ «في السخاء واللهجة والاهتمام» مقارنة بالاستجابة لأزمة اللجوء من دول مثل سوريا أو جنوب السودان أو ميانمار).

هنا وضعت جلالتها مصطلحا فلسفيا منطلقاته قدرة جلالة الملكة على التوظيف الذكي لقدرتها الهائلة وخاصة في اللغة الإنجليزية بأن ازدواجية المعايير ستؤدي بالنهاية إلى إضعاف ثقتنا وقدرتنا على استيعاب فروقاتنا أي أن التعريف بغض النظر عن شكله ومضمونه يجعل من الإنسانية ومعرفتها وتراكمها المعرفي والحضاري سيصتطدم بمركز رئيسي من مرتكزات القيم الإنسانية وهو العدل، وأن أحادية التقييم ووحدانية الطريق تبعدنا بعدا كليا عن مفهوم وجوهر الوجود بسمته الأسمى وهو التعدد عندما قالت (ودعت لمراعاة وجهات النظر الأخرى، قائلة ليس هناك طريقة صحيحة واحدة لفعل الأمر الصائب أو للحصول على النتائج الصحيحة. هنالك دائماً طريق ثالث، وإيجاد ذلك الطريق لا يعني أنه تضحية أو تنازل أحياناً يعني أخذ الأفضل من الخيارين لإيجاد شيء جديد يمكن للطرفين الاقتناع به).

وأشارت جلالتها في سياق للسيكولوجيا البشرية بأن الذاتية والفردية تفرض على الإنسان معايير تستجيب للأقرب الذي يشبهها وأن عدم الاستجابة للآخر ومعاناته يؤدي الى ثغرة عميقة في إنسانيتها عندما قالت (يسهل بشكل مخيف على العقل البشري ألا يكترث بمعاناة الآخرين، خاصة عندما لا يشبهوننا، أو عندما تكون أسماؤهم صعبة أن ننطقها مضيفة ذلك الشكل من التعاطف الانتقائي، وذلك التعاطف الاختياري له تبعات جغرافية سياسية حقيقية ومأساوية، لأنها منطقة عمياء في إنسانيتنا، تؤثر على أين ننظر وماذا نرى).

هنا نقول بأن العمق الذي خاطبت به جلالتها القمة كانت تعبر بكل صدق عن جوهر تركيبة جلالتها في اطارها السيكولوجي والتي هي ركيزة من ركائز مجمل ادائها وهي العاطفة الجامحة نحو الأنسان بغض النظر عن تلاوينه المبتذلة وأن البعد الإنساني يتطلب كجزء محوري من تراكم المعرفة الإنسانية وأهم مرتكزاته العدالة والمساواة في ردة الفعل والاستجابة لأي مآساة انسانية مهما كان موقع ومكان وزمان تلك المآساة وأن الفك والتركيب لمفاهيم الاستجابة انطلاقا من أبعاد أخرى وتعني السياسة منها قد تجعلنا لا نرى إلا من خلال ما نطمح لرؤيته وليس كما هو على أرض الواقع (النقطة العمياء).

وهو في بعده المعرفي والتربوي لا يؤدي بالإنسانية إلى مواجهة التماسي ببعدها الشمولي، وإنما بإطار انتقائي كما أسلفنا فكيف سيواجه هذا العالم بعد ذلك أهم المعضلات الإنسانية الكبرى، وهي التغيير المناخي وزيادة حرارة الكرة الأرضية عندما قالت جلالتها «إلى أنه قد يكون أمامنا أزمات لجوء أكثر نتيجة لتغير المناخ الذي قد يسبب نزوح أكثر من 200 مليون شخص بحلول عام 2050».

إذن هذا التشخيص لكل الأبعاد التي تهم الإنسانية وعلاقتها بالتكنولوجيا تعتبره جلالة الملكة، ومن خلال ثوابتها القيمية والتربوية منها والإنسانية وانتمائها إلى وطن الهواشم الذين تأسسوا على أنسنة السلوك على مدار التاريخ، ومن خلال مفهوم الأنسنة للسلوك السياسي الذي طالب به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، وأهمية الحل الشمولي للأزمات الكونية، فأن جلالتها قد جلت هذا البعد من خلال هذه الكلمة تتطلب تمحيصا وتدقيقا أكثر ثقلا وعمقا تعهد مرتكزات الثوابت القيمية والإنسانية والتي على راسها مفهوم أن سمة هذا الوجود تكمن في تعدد الخلائق ووحدانية الخالق عز وجل.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF