في الأسواق العالمية التي تهيمن عليها التكنولوجيا الرقمية تتنافس كيانات الأعمال اليوم وتتسابق نحو التحول الرقمي والابتكار لخلق القيمة، وتسعى المؤسسات جاهدة للحفاظ على ثقافة الثقة الرقمية بين جميع أصحاب المصلحة. فالثقة الرقمية كمفهوم تعبر عن الموثوقية في سلامة العلاقة والتفاعلات والعمليات بين المزودين والمستهلكين ضمن نظام بيئي رقمي مرتبط بقيام المؤسسات ببناء الثقة والحفاظ عليها. فإذا كان شريان الحياة للاقتصاد الرقمي هو البيانات فإن قلبه هو الثقة الرقمية. في الواقع، إن تفاعلاتنا كمستهلكين تخلق بصمة رقمية من خ?ال استخدامنا للتكنولوجيا عبر الدفع الالكتروني أو مشاركة المعلومات الخاصة بنا، ومع ذلك لا زلنا نشك بنزاهة معاملاتنا وتفاعلاتنا في هذه النظم البيئية الرقمية. حيث يمكن أن يكون لأي خرق للثقة الرقمية عواقب سلبية بعيدة المدى على سمعة المؤسسة وقيمتها وقدرتها المالية. لذا يقع على كاهل المؤسسات التأكد من أن جميع الأطراف المشاركة في التفاعلات الرقمية من البيانات والمعلومات التي يتم تبادلها ستكون آمنة وستؤدي إلى تسليم المنتجات والخدمات المرغوبة على النحو الموعود.
يعد الأمان والخصوصية من بين المكونات الرئيسية للثقة الرقمية والتي تمثل نقطة تقاطع فيما بينهما حيث يُكون المفهومان معًا أساسًا قويًا للثقة الرقمية إلى جانب عناصر أخرى مثل الجودة والتوافر والأخلاق والنزاهة والشفافية والصدق والمرونة. إن الثقة الرقمية تسمح للعملاء وأصحاب المصلحة بالوثوق بأن المنشأة لا تلحق الضرر ببياناتهم وتحميها وهذا ما يحقق فوائد للمؤسسات مثل السمعة الإيجابية، وتقليل انتهاكات الخصوصية، وتقليل حوادث الأمن السيبراني. قد تحتاج المؤسسات إلى طرف ثالث لحماية وتأمين التفاعلات الرقمية، لذا يتوجب على?المؤسسات أن تعمل على إرضاء المستخدمين في المجال الرقمي عبر تحسين بيئة التكنولوجية لكسب الثقة الرقمية.
إن ما يؤرق المؤسسات هو ما يتوجب فعله لكسب ثقة العملاء بشكل أفضل؟ فالاستجابة لتساؤلات العملاء يحقق الفوز بحصة سوقية كبرى وربحية أعلى. هناك العديد من الجوانب الرئيسية للثقة الرقمية التي تحتاجها المؤسسات كأساس لمعالجة استراتيجيات التحول الرقمي، كأن تحافظ المؤسسات على قاعدة صلبة من الثقة الرقمية عبر دمجها في استراتيجية ونهج متماسكين على مستوى المنظمة. ومن العوامل التي تعزز الثقة الرقمية استراتيجية حوكمة تكنولوجيا المعلومات، وتكنولوجيا المعلومات، وإدارة المخاطر، والضمان، والامتثال. إن هذه المجالات يتوجب إدارتها?بشكل شامل ضمن استراتيجية الثقة الرقمية للمؤسسة مما يخلق فرصة للتقدم ومشاركة الخبرات وإظهار القيادة ضمن استراتيجية شاملة متماسكة. وهنا يأتي دور الادارات في تذليل العقبات التي تتعرض لها الثقة الرقمية مثل الافتقار إلى المهارات والتدريب، وعدم التوافق مع الأهداف التنظيمية، ونقص الموارد التقنية والتمويل.
إن قياس الثقة الرقمية أمر بالغ الأهمية لتحسين نضج المنظمة وقدرتها على تحقيق مكاسب التحول الرقمي وخلق القيمة من خلال المراجعات الداخلية وتقييمات الجهات الخارجية والاستطلاعات والأبحاث باستخدام المعلومات المكتسبة في المقارنة مع المؤسسات المماثلة والتحليلات الأخرى. وهذا ما يساعد في تقليل انتهاكات الخصوصية وحوادث الأمن السيبراني، وموثوقية البيانات وتحسين عملية صنع القرار وزيادة معدلات جذب العملاء والاحتفاظ بهم وضمان ولائهم، بابتكارات أسرع وعوائد أعلى.
[email protected]