مع تزايد المخاوف بشأن فقدان المواطنين والشركات السيطرة على بياناتهم تنخرط الحكومات في إنتاج السياسات التي تنظم المجال الرقمي، وأحد أهم العناصر في استراتيجية الفضاء السيبراني هو نظام إدارة الهوية الرقمية وذلك لتعزيز الاستقلالية التكنولوجية والمنافسة العالمية.
إن فكر الهوية الرقمية مبني على لائحة خدمات التعريف الإلكتروني والتوثيق والثقة.
وفي ضوء الدستورية الرقمية العالمية الجديدة، تقوم كيانات الأعمال والأفراد في تسيير أعمالهم بشكل إلكتروني وهذا ما دعا الحكومات إلى التفكير بشكل جدي في تفعيل الهوية الرقمية باعتبارها أداة تعريف خاصة تتيح للشخص الدخول بشكل آمن وتنفيذ المعاملات والتوقيعات والأختام الإلكترونية لدى الجهات الحكومية أو غير الحكومية التي تعتمد هذه الأداة لتوفير خدماتها.
إن الهوية الرقمية تمكن المواطن من الوصول إلى المعلومات الشخصية والمستندات الرقمية الحكومية الخاصة بكل فرد والحصول على الخدمات الحكومية وتوقيع المستندات إلكترونياً ودفع الفواتير رقمياً بالاضافة إلى الهوية الصحية والسجلات الجنائية وغيرها من الميزات.
إن التوجه نحو إدارة الهوية الرقمية واستخدام المحفظة الرقمية والبيانات التي يمكن التحقق منها يعبر عن الديناميكية والتقارب ما بين السياسة الدولية والابتكار.
تنبثق أهمية تبني الهوية الرقمية بكونها أساساً شاملاً للنمو مع الحفاظ على الأولويات الرقمية العالمية كالسيادة الرقمية والتحكم في البيانات والسوق الرقمية الموحدة والتنافسية. وعليه يبدو أن مفهوم الزخم التكنولوجي يعزز التفاعل بين قضايا السياسة والتكنولوجيا بشكل متبادل، بمعنى أن المفهوم الهجين بين الحتمية التكنولوجية والبناء الاجتماعي يثير اهتمام الحكومات بمواكبة الابتكار التكنولوجي مع تلمس الآثار الجيوسياسية والاعتراف بالموروثات المؤسسية والالكترونية.
إن تفعيل الهوية الرقمية وتسريع العمل بها يساعد كيانات الأعمال أن تؤدي أعمالها بفاعلية وتحقق المزيد من الإيرادات، وذلك عبر تشجيع أطراف سلسلة التوريد داخل المؤسسات من الموردين والعملاء في تبني الهوية الرقمية والتعرف إليهم والتحقق من هويتهم بالاضافة لقبول التوقيع الالكتروني دون الحضور الشخصي. فالاعتماد على البيانات يعني التفوق على المنافسين واكتساب عملاء جدد.
إن نظام الهوية الرقمي يتيح للمواطن حامل بطاقة الأحوال المدنية الذكية عبر الهواتف الذكية، استخدام اسم مستخدم وكلمة مرور موحدة لكافة بوابات الخدمات الحكومية الالكترونية التي تم ربطها مسبقاً مع الوزارات والدوائر مع الحفاظ على أمن وسرية المعلومات الخاصة بكل مواطن. على المؤسسات بناء استراتيجية ونموذج أعمال يقر بأهمية الهوية الرقمية لتعزيز التقاطع بين خطوط خدمات الأمن والأعمال، وهذا ما يوطد العلاقة مع العملاء في إنشاء علاقة رقمية سلسة وآمنة في بيئة متعددة القنوات. مع الأخذ بعين الاعتبار الامتثال القانوني والتنظي?ي الذي يجب أن يتوافق به نظام الهوية مع جميع القوانين واللوائح ومعايير الصناعة والسياسات الداخلية ذات الصلة وخاصة أمن وخصوصية وحماية البيانات ومنع الاحتيال.
إن مستقبل الهوية الرقمية سيصبح جزءاً من نظام بيئي تتفاعل به الحكومات والمؤسسات والأفراد لُزماً.
[email protected]
