هذا من جانب، ومن زوايا أخرى، لا بد من إيلاء أهمية وضرورة شرح أهداف خارطة التنفيذ للمواطن ليشارك في مسيرتها ويكون عنصرا فاعلا، وليس متذمرا وناقما وشاكيا من نتائج التحديث المتوقعة وتلك التي سوف تلقي بظلالها على بعض القطاعات جراء دمج الوزارات وترشيق الإجراءات الحكومية وأتمتتها.
مضمون ما يمكن أن يراهن عليه في خضم التحديث، هو تحسين الخدمات المقدمة للمواطن ومن خلال رؤية واضحة للسنوات القادمة والتي تعني المواءمة بين الظروف والإمكانات الحالية والنتائج المرجوة عبر مؤشرات أداء نوعية وكمية وقابلة للقياس والمتابعة والتقييم.
عملت في القطاع العام لمدة ربع قرن وأزيد قليلا، وعند قراءة خطة تحديث القطاع العام، شعرت مجددا بالعديد من التطلعات والأمنيات والأحلام التي كنا نشترك معا لتحقيقها أثناء التشرف بالخدمة في السلك الوظيفي، وكنا نخطط لتطوير أجزاء منها في العمل ومن ضمنها وأهمها أتمتت الإجراءات من البداية وحتى النهاية وتقديم خدمة للمواطن وعلى أفضل صورة.
وكنا كذلك نعايش الحاجة الفعلية والضرورة للدمج والتنسيق والتعاون بين الوزارات والجهات ذات العلاقة المشتركة في توفير الخدمة للمواطن والارتقاء بها إلى أعلى المستويات وبحرفية عالية.
أشير إلى الجهود المميزة في وزارة التربية والتعليم والتي عملت على تحديث وتطوير البعثات من خلال المكرمة الملكية السامية للمعلمين والتدرج بالإجراءات وعبر السنوات والانتقال بها إلى الأتمتة وبشكل صريح وواضح وقابل للقياس والمتابعة والمساءلة.
كما أشير لتجربة الوالد رحمه الله في دائرة الأحوال المدنية والجوازات، حين كانت الإجراءات تتم وبشكل ورقي، إلى أن أصبحت الآن والحمد لله تسير وفق إجراءات إلكترونية وعبر المسافات وبشكل مميز وبدقة عالية، والفرق واضح وملموس من قبل الجميع، والوضع مماثل في نماذج التطوير في مؤسسات الدولة ذات العلاقة المباشرة بالمواطن وتقديم الخدمة له بشكل ميسر ومبسط.
التحديث في القطاع العام ممكن ويحتاج إلى فترات زمنية، وليس للانتقادات والمهاجمة والتشكيك، ويحتاج أيضا لقناعة من الموظف في القطاع العام ومن خلال الانتماء والتدريب والتأهيل لتوفير الخدمة للمواطن بشفافية ومسؤولية واقتدار.
وكما هي الخدمة حق، فإن للمواطن الشعور بالأمان عند تطبيق منظومة التحديث وخلال الفترات الزمنية المخطط لها، وكما هو الحق للمواطن، فللدولة الحق في موظف أمين ومخلص ومؤهل للعمل في الوظيفة العامة وتحمل أعباء الوظيفة بجد واجتهاد.
القطاع العام وتفاصيله، فيه العديد المميزات والإيجابيات، مقابل التحديات وجوانب الإصلاح المنشودة والتي لا تخفى على أحد ممن عمل في القطاع العام أو من له مراجعة وطلب ومعاملة في دوائره العامة.
المطلوب في المرحلة الحالية النقد البناء والمشاركة الإيجابية والفاعلة، ولدينا من القدرات الوطنية الكثير لتقدم وفي مجال اختصاصها وعملها ومن مختلف الأجيال والأعمار والمستويات.
خلال السنوات القادمة ومع خضم السير قدما نحو المستقبل، سوف نحقق النتائج المرجوة ونعمل على حماية والدفاع عن الأردن والذي ما بخلنا يوما من أجله وقدمنا الغالي والنفيس ليبقى صرحا شامخا نعتز به ونفخر.
أهلا بمحاولات التحديث والتطوير وتلك أولوية قصوى ولها ضريبة وثمن، ولكن في نهاية المطاف سوف نقطف ثمار التعب والصبر والمتابعة والإنجاز.
معا نعمل من أجل الأردن، ولن نكون سوى معا دوما، حفظ الله الأردن شامخا عزيزا وهاشميا مظفرا بشعبه الوفي النقي الأصيل.
[email protected]
