سميح المعايطه
رغم كل الاتهامات والاستهداف للأردن ومواقفه عبر العقود إلا أن المنصف يعلم أن هذا البلد ورقة بيضاء في مواقفه وانحيازاته، وليس من نهجه المراوغة أو الازدواجية في الخطاب أو الفعل.
أمس تحدث الملك في مقابلته مع صحيفة الرأي عن بعض المواقف الأردنية في سياسته الخارجية، والعنوان أن الأردن دائما منحاز إلى قضايا أمته، وإلى حلف القضايا العربية وفي مقدمتها قضية فلسطين.
ومنذ كان الصراع العربي الصهيوني قبل عقود، انحاز الأردن بكل تفاصيله لفلسطين في كل المعارك حتى تلك التي دخلها وهو يعلم أن واقع أمتنا ليس مستعداً لها، وقدم الشهداء والتضحيات.
والأردن كان منحازاً لخيار السلام الحقيقي الذي يُعيد للفلسطينيين حقوقهم وعلى رأسها الدولة الفلسطينية، وهذا الموقف هو ذاته الذي يتحدث ويسعى له الأردن منذ اعتراف الأردن ومصر عبد الناصر بقرار ٢٤٢ وحتى اليوم، فلم يتغير موقفه، وكان حديث الحسين ومن بعده عبدالله الثاني لغة واحدة.. سلام عادل شامل يعيد للفلسطيني حقوقه وإقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
الأردن لم يراوغ ولم يمارس الصخب بلغتين، بل هو الأردن المنحاز لقضايا أمته وأولها فلسطين بموقف جوهره واحد، لم يتغير قبل توقيع معاهدة السلام مع إسرائيل وبعدها، وكل متابع يدرك كم هي سنوات التوتر في علاقات الأردن وإسرائيل منذ توقيع المعاهدة، والسبب أن إسرائيل تريد علاقة لا تتاثر بموقفها وعدوانيتها تجاه فلسطين.
هو الأردن الورقة البيضاء الذي وقف موقفاً صادقاً صلباً ضد ما يسمى «صفقة القرن» لأنها تمس حقوق الفلسطينيين وتهدد الأمن الوطني الأردني، وكان موقفاً صلباً دفع ثمنه عبر أكثر من طرف لكنه لم يغير جوهر موقفه.
أينما وجدت قضية عربية تجد الأردن منحازاً لها، بلغة واضحة لا تقبل التأويل، وكل بلد دخل في أزمة وجد الأردن بكل ما يملك إلى جانبه، تذمر هذا ليس تمنُناً على أحد بل هو الواجب، لكن لنقل إن الأردن كان في كل المراحل منحازاً لهويته العربية التي لم تمنعه من إقامة منظومة علاقات دولية قوية، ودائماً كانت قضايا العرب على أجندة علاقاتنا الدولية حتى قبل مصالح الأردن الداخلية.
الأردن ورقة بيضاء من حقه علينا أن نقدمه للأردنيين ليفخروا بتاريخه وحاضره، فهو الموقف الواحد الذي لم يتغير، وهي المصداقية التي أعطت للقيادة الأردنية مكانة دولية كبيرة.
أما غير المنصفين فالقصة لا علاقة لها بمواقف الأردن بل بدوافع اخرى.
هذا البلد حافظ على نفسه ومصالحه، لكن بوصلته كانت أردنية عربية في التعامل مع كل الملفات..