خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

نعم.. المرض النفسي يصيب «المؤمن»

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أسامة أبو الرب

وصلتني خلال الأيام الماضية عدة منشورات وفيديوهات يزعم المتحدثون فيها أن المرض النفسي لا يصيب المؤمن، وأن المتدين المواظب على الصلاة وقراءة القرآن محصن ضد الاكتئاب والقلق، أما «الشخص العاصي البعيد عن الدين فتنهشه الأمراض النفسية لأنه فريسة سهلة للشيطان».

كل هذه المزاعم خطيرة، وهي في حدها الأدنى تنم عن جهل من القائل وحسن نية، أو تدل في حدها الأقصى على تجارة بالدين وإقحامه في الطب، عن سوء نية، وبهدف شهرة وركوب موجة تستغل عواطف الجمهور.

دعونا نبدأ بالحقائق: المرض النفسي فعلياً ليس نفسياً، بل هو مرض جسدي، إذ هو ناجم عن تغير مستويات مواد كيميائية في الدماغ، مما يقود إلى الأعراض، مثله مثل أي داء جسدي آخر.

مثلا في مرض الاكتئاب فإن المرض ينجم عن انخفاض في النواقل العصبية، مثل السيروتونين أو النوربينفرين أو الدوبامين في الجهاز العصبي المركزي. ولذلك فإن علاجات الاكتئاب تعمل على معاكسة هذه العملية ورفع النواقل العصبية.

الأمر تماماً مثل أي مرض جسدي، مثل خمول الغدة الدرقية، حيث لا ينتج الجسم كمية كافية من هرمون الثيروكسين، والعلاج يكون عبر تزويد الجسم به.

المكتئب ليس شخصاً سوداوياً أو كافراً أو ساخطاً على الحياة، هو شخص يعاني من نقص في مواد كيميائية، ومهما صلى وصام وقرأ القرآن، فلن يعالجه ذلك. الصلاة لا تعالج خمول الدرقية، ولا تعالج السكري ولا الاكتئاب.

مثال آخر هو مرض الفصام، والذي يرى ويسمع فيه المصاب هلاوس، وكثيراً ما يوصف بأنه ملبوس من الجن. مرض الفصام يرتبط باختلالات في النواقل العصبية، مثل الدوبامين والسيروتونين والغلوتامات، كما تلعب الوراثة دوراً، إذ يزداد خطر إصابة الشخص بالفصام إذا كان لديه تاريخ عائلي للمرض.

أذكر قبل سنوات بعيدة أن أحد الدجالين كان يزعم علاج مرضى الفصام عبر طرد الجن منهم، مستخدما الضرب والحرق في طرق تعذيب تتفوق على فظائع عتاة المجرمين، وفي إحدى المرات صعق شابا بالكهرباء فقتله.

ما زلنا حتى الآن نعيش وصمة المرض النفسي في مجتمعنا الأردني، فالأب مستعد أن يقول إن ابنه ملبوس من ألف جني، بدلا من أن يأخذه لزيارة الطبيب النفسي. في المقابل فإن المتاجرين بالدين يعززون هذه الوصمة، عبر القول إن المرض النفسي ناجم عن ضعف الإيمان.

أوقفوا هذا الهراء! يجب أن يتوقف الخلط بين الدين والطب، سواء كان المتحدث يسمي نفسه داعية، أو حتى طبيبا، ولكنه جاهل ويسعى لشعبوية. ليس هناك علاقة بين المرض النفسي وقوة الإيمان أو ضعفه.

أيها المكتئب، هون عليك، ودعك من خزعبلات هؤلاء، أنت لست ضعيف الإيمان، والله يعلم ما تعانيه، ويعلم صفاء سريريتك، وسيعينك، ولكن عليك ان تأخذ بالأسباب وتراجع الطبيب.

الله رحيم بنا، وهو أمرنا بالتداوي والعلاج لكافة الأمراض، سواء كانت اكتئاباً أو فصاماً أو غيرها، وعدم مراجعة الطبيب النفسي والحصول على العلاج هو المعصية الحقيقية، عبر مخالفة أمر الله.

@dr_osamarub

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF