يعج "التايم لاين" في حساباتنا على مواقع التواصل الاجتماعي بمئات الصور، من الأصدقاء ومن نتابعهم. وتتنوع هذه الصور بين ما تظهر الشخص وحده، أو تكشف طبقا من الطعام الذي يتناوله، أو صور تجمع هذا الشخص بأصدقائه وعائلته.
الصورة اختراع عظيم للإنسان، هي وسيلة لالتقاط اللحظة، وتسجيلها حتى يتذكرها الشخص، وحتى يتذكره بها أحبابه بعد رحيله.
مع ذلك، فإن وسائل التواصل الاجتماعي قد حولت الصور من وسيلة لحفظ الحدث الجميل العزيز ومن كانوا فيه، إلى غاية بحد ذاتها، مما قد يقود إلى ضياع متعة اللحظة.
إذ وفقا لدراسة نشرت عام 2017 فإن نشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يجعلنا قلقين، ويقلل من الاستمتاع بالتجربة.
قادت الدراسة الدكتورة أليكساندرا باراش، من كلية ستيرن للأعمال في نيويورك، ونشرت في مجلة أبحاث المستهلك.
ودرس الباحثون كيفية تأثير التقاط الصور على المشاعر، ووجدوا أن نشر الصور على مواقع مثل "فيبسوك" و"إنستغرام" يقلل من الاستمتاع باللحظة، مقارنة بأن يلتقط الشخص الصور من أجل نفسه فقط وحتى يعيش اللحظة فقط، أي دون أن ينشرها على السوشال ميديا.
ووجد الباحثون أن الأشخاص الذين يلتقطون الصور لمشاركتها على مواقع التواصل يعانون من نوع من القلق حول الطريقة التي ينظر بها إليهم الآخرون، وهذا على الرغم من أنهم قد يشعرون بالسعادة عندما تبدأ منشوراتهم بالحصول على الإعجابات.
أنا لا أقول إن كل من ينشر صوره على مواقع التواصل يشعر بنوع من القلق، أو لا يستمتع باللحظة، ولكن هذه الدراسة، ومعطيات أخرى، تشير إلى مخاطر قد تحملها مواقع التواصل الاجتماعي على راحتنا النفسية.
نشر الصور على مواقع التواصل قد يكون لأسباب مثل محاولة إثبات السعادة أو النجاح أو الثراء. وهو أمر قد يقود لرسم صورة وهمية زائفة. وكثير ما سمعنا عن مشاهير السوشال ميديا الذي كانوا يقدمون حياتهم وعائلاتهم على أنها حالة من الكمال، لنكتشف أنهم يعيشون في جحيم لا يطاق.
جميعنا نشارك الصور على السوشال ميديا، وأنا لا أقول بأن نتوقف عن ذلك، فمشاركة الصور هي وسيلة لنقل مشاعرنا إلى من نحب، خاصة مع أحبابنا البعيدين عنا مكانيا، ولكن المطلوب أن لا نجعل هوس تسجيل اللحظة يشغلنا عن اللحظة نفسها.
مثلا يمكن أن نقرر أن لا نشارك الصور إلا في مناسبة معينة، مثل الأعياد، وأن نشارك صورة واحدة أو اثنتين فقط.
أيضا من المهم أن تعيش اللحظة، فعندما تفعل شيئا ممتعا مثل الخروج مع العائلة في رحلة أو الاجتماع على وليمة، لا تقلق بشأن حصولك على الصورة المثالية لمشاركتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تكرر التقاط الصورة عشر مرات وأنت تعدل الخلفية أو تصرخ على ابنك ان لا يتحرك حتى تكون "الصورة حلوة".
الجمعة مع أهلنا وأحبابنا نعمة كبرى، فلنعشها ونستمتع بها، وإن كانت الصورة بألف كلمة، فإن كل صور الدنيا لا تغني عن لحظة واحدة مع من نحب.