بدأت ظاهرة الشكوى والتذمر تصبح عادة ملازمة لكثير من القطاعات والفئات المجتمعية، لأسباب أقل ما يقال عليها انها غير موجودة ولا تعكس الواقع الذي يعيشونه او ما يظهر عليهم من النعم، فاصبحت أول الحديث وآخره دونما ذكر للايجابيات وان عظمت.
انا شخصيا لا اكاد اجلس اي جلسة سواء كانت مع تاجر او صناعي او مواطن ميسور الحال او متوسط الدخل او من أصحاب الدخل المحدود الا وكان التذمر والشكوى قاعدة الحديث من اوله الى اخره، الامر الذي يدفعني دائما الى التساؤل لماذا كل هذا التشاؤم وهذه السوداوية التي باتت تسيطر على غالبية المجتمع والذي لم يصبه اي مكروه كما اصاب من حولنا من الشعوب ودول العالم، فهم يعيشون كل معاني الاستقرار السياسي والامني وحتى الاقتصادي حتى وان وجدت بعض مظاهر الفقر و البطالة من هنا وهناك، وبالرغم من ان الشاكي والمتذمر تبدو عليه كل معالم ال?عم والرفاهية فيسكن بيتا ويركب سيارة ويأكل ويشرب ويعالج ويدرس ابناءه ويمشي امننا مطمئنا وغيرها الكثير من المعاني التي لا تستدعي منا الا الشكر لا التذمر والشكوى.
مؤخرا استدركت ان هذه الظاهرة اصبحت مرضا اسمه متلازمة «التذمر والشكوى» اثناء الحديث لسبب او دون سبب، وعلاجه يكمن في عدة امور او اتباع عدد من القواعد، أولها أن تنظر الى من حولك اذا كان التذمر سياسيا فتجد انك في بلد يعج في الديمقراطية لمرحلة انك تشكو وتتذمر امام العامة والحضور، وان كان اقتصاديا عليك ان تنظر الى الدول من حولك وتقارنا معها في الامكانيات والثروات فتجد انك بخير ونعمة فدخلك مستقر واقتصادك قوي وسلتك الغذائية والمعيشية مؤمنة وصناعتك تنجز وتجارتك تتوسع ومواردك تستغل، وأما ان كان التذمر اجتماعيا فعليك?ان تنظر الى حالة الامن والامان التي تعيشها فتجوبها غربا وشرقا وشمالا وجنوبا دون اي عراقيل وفي اي وقت وساعة تشاء وانظر الى كافة الدول من حولك من دول تشتتت وتبعثرت وتغربت وهجرت ومهددة في كل يوم، وعندها ستدرك ان كلمة الشكر والحمد لله اولا ولقيادتنا وشعبنا ثانيا ستكون عنوان حديثك.
في الماضي كان حكماؤنا يقولون، اذا اردت ان تشكر على نعمة الصحة فزر مستشفى واذا اردت ان تشكر على نعمة الابوة زر بيتا للايتام، واذا اردت ان تشكر على ما تملك من بيت فانظر الى من يسكنون الخيام، ومن هنا اجزم اننا في الاردن نحتاج الى مزيد من النظر والتمعن لما حولنا من كل شي وفي كل معنى من معاني الحياة، لكي نعمل على معالجة عادة التذمر والشكوى والتي لن تؤدي الا للخراب والتهديم مستقبلا ففي التفاؤل والحمد والشكر تبنى الاوطان، ولكي لا اتهم بانني متطرف ساعترف ان هناك مشاكل نعالجها اولا باول ان كانت في السياسة والاقتصاد?وحتى اجتماعيا وقد عملنا من خلال تحديث المنظومة السياسية والورش الاقتصادية وغيرها من خطط على حل مشاكل الفقر والبطالة.
ختاما، نحن في بلد الخير وفي بلد اراهن الجميع اذا وجدوا فيه من ينام جائعا او خائفا، فلدينا كل شيء افضل من اي شيء عند غيرنا رغم محدودية مواردنا وامكانياتنا في التعليم والصحة والامن والاستقرار، فنحن قويون سياسيا ومتمكنون اقتصاديا ومتكافلون اجتماعيا، فلماذا كل هذه الشكوى والتذمر والاحباط والسوداوية التي يعيشها البعض ختاما يقول الله تعالى » لئن شكرتم لازيدنكم » صدق الله العظيم.