في بيئة الأعمال الديناميكية تعمل المؤسسات اليوم على جمع وتسجيل العمليات عبر البرامج والمنصات والمواقع والصفحات حيث يتم توظيف كم هائل من البيانات لغايات التنبؤ وإعادة تشكيل المجتمعات.
يعتمد الاقتصاد الحديث في طبيعته على الأفراد بشكل أساسي من خلال إنشاء وجمع البيانات كقيمة مضافة معتمدة على التحليل القائم على الذكاء الاصطناعي في أعمال البحث والتطوير الداعم للإنتاجية وتعزيز الشمول المالي. تؤثر آلية تدفق البيانات على الاقتصاد العالمي حيث يُنتقد اقتصاد البيانات بأنه لا يحترم خصوصية الأفراد بشكل دائم، ومن جانب آخر لا يتم التعاطي مع البيانات التي يتم الاحتفاظ بها كسلعة مجتمعية عامة، مثل الإسهام في رسم خارطة المجتمع الصحية.
إن الأنظمة والتطبيقات العالمية تراقب سلوكيات الأفراد وطرق عيشهم وأنماطهم الاستهلاكية، وتجمع عنهم البيانات وتعالجها كبيانات متاحة لاستخدام طرف ثالث عبر إعادة بيعها، والاستفادة من المعلومات المقدمة، للوصول إلى الفئات والشرائح المستهدفة التي صممت وأُعٍدت لتلك الغاية مسبقاً، للحصول على تحليل قائم على بيانات تفصيلية ذات قيمة تجارية تساعد في عملية إتخاذ القرار. ورغم موافقة المستخدم الإلزامية على الشروط القانونية للإفصاح عن بياناته التي توضع في علامة مربع لاستخدام البيانات، إلا أن المنفعة في هذا الصدد تكون مشتركة?ما بين المؤسسات والأفراد دون تحمل تكلفة مالية مباشرة. إن العامل الخارجي مثل تكلفة فقدان الخصوصية عند تبادل المعلومات لا يشكل وزناً نسبياً ذا أثر على المستخدمين ذلك لأن حجم البيانات الضخمة لا يؤثر إلا بنسبة ضئيلة من قيمتها، مثل دقة التنبؤ بجدارة المستخدم الائتمانية مقارنة بالطرق التقليدية التي تحوي انحرافاً معيارياً عن الواقع.
غالباً ما يولي الأفراد اهتماماً كبيراً للخصائص الديمغرافية عند تعبئة الاستبيان دون أي مقابل وعلى النقيض تماماً تتولد العديد من المخاوف بشأن الخصوصية، حيث أن الجميع لا يحبذ الافصاح عن المعلومات الشخصية وهذا ما يسمى بمفارقة الخصوصية، فلو تمت مشاركة البيانات مع إحدى شركات التأمين لحالة مرضية لتعذر شمولها بالتأمين الصحي للفترات المقبلة.
تعتبر البيانات بأنها سلعة خاصة ذات قيمة كبيرة تملكها شركات التكنولوجيا وبما أن البيانات يتم تجميعها وبيعها يتوجب استخدامها عند الحاجة بالطريقة المثلى. تصبح البيانات في طبيعتها سلع عامة عندما يتم المواءمة ما بين مصالح الشركات التجارية وحوافز الابتكار مقابل ثقة المستخدمين حول حماية أمن معلوماتهم وخصوصيتها. لا بد من تفعيل نظام عالمي لحماية البيانات يبين حقوق والتزامات المنظمة لاقتصاد البيانات، ولا تزال المخاوف تثير الشكوك حول طرق التنفيذ. فهل من الممكن أن تكون هناك جهة رقابية قادرة على جمع البيانات الشخصية مع?اخفاء هوية المستخدم الحقيقي وتوفيرها للمهتمين لغايات التحليل ووضع التنبؤات الاقتصادية ومكافحة الإرهاب وغسل الأموال؟
إن حماية البيانات من الهجمات السيبرانية لها الأثر الكبير في اكساب جمهور المستخدمين ثقة بالشركات وسياساتها وإنفاقها على البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات وتسهيل تبادل البيانات المالية. وعليه فان هناك حاجة ماسة لتبني قانون للأسواق والخدمات الرقمية عبر تنسيق عالمي وإيجاد مبادىء وأطر لتنظيم تبادل البيانات الدولية والحفاظ على حماية حقوق الافراد وخصوصيتهم والأمن الوطني، وتقديم حلول مبتكرة يمكن أن تبني عالماً آمناً أكثر.
