بعد صدور قانون ضمان الودائع عام 2000 اصبحت مؤسسة ضمان الودائع الجهة المسؤولة عن تصفية البنوك و عن تعويض المودعين بحد اعلى مقداره حاليا 50 الف دينار, و تتقاضى المؤسسة رسما سنويا من البنوك العاملة في الاردن لقاء تأمين ودائع الدينار الاردني. و بعد مرور 22 عاما لا يزال قانون نظام ضمان الودائع غير عادل بحق بعض البنوك الاردنية التي لديها تركز في كبار المودعين, و لا يزال النظام لا يأخذ بالاعتبار المخاطر المصرفية للبنوك لدى احتساب قيمة الاشتراك السنوية في ضمان الودائع.
يعتمد اساس احتساب ضمان ودائع المودعين لدى مؤسسة ضمان الودائع على نسبة مطلقة تبلغ 2.5 بالالف من اجمالي ودائع الدينار الاردني (1), الا ان آلية التعويض في حال تصفية احد البنوك تقوم على تعويض جميع مودعي الدينار بسقف مقداره 50 الف دينار كحد اقصى, مما يعني انه لا يوجد تواز بين رسم الاشتراك السنوي الذي تتقاضاه المؤسسة و حجم ما ستعوضه لمودعي البنك في حال تصفيته. بمثال بسيط لو افترضنا ان البنك الاكبر أ لديه 3 مودعين كل مودع لديه مليون دينار فيكون مجموع الودائع 3 ملايين دينار و يدفع رسم اشتراك لتلك السنة 7500 دينار, و ان بنك اخر البنك ب الاصغر بحجم الودائع, لديه 10 مودعين وديعة كل منهم 50 الف دينار اي مجموع ودائع 500 الف دينار و يدفع رسم اشتراك لتلك السنة 1250 الف دينار, لكن اذا تم تصفية البنك أ تدفع المؤسسة لمودعي البنك أ 150 الف دينار بينما تدفع لمودعي البنك ب في حال تصفيته 500 الف دينار, نلاحظ ان بوليصة التأمين للبنك ب تفوق بكثير بوليصة التأمين للبنك أ علما ان البنك أ يدفع رسما يساوي خمسة اضعاف البنك ب. و بلغة ادارة المخاطر تعتبر مخاطرة البنك ب الذي لديه تركز في صغار المودعين على مؤسسة ضمان الودائع اكبر بكثير من مخاطرة البنك أ ( بافتراض نفس احتمالية التعثر للبنكين ا و ب و هو امر مفترض مسبقا في القانون الذي اقر نسبة رسوم ثابتة لجميع البنوك )
اضف الى ذلك ان رسوم نظام ضمان الودائع في الاردن لا يأخذ بالاعتبار المخاطر الكامنة في طيات موجودات البنك ( كمخاطر الائتمان, السيولة, مخاطر التشغيل, مخاطر السوق و معايير الملاءة المالية ككفاية راس المال و غيرها من المعايير ) لدى احتساب رسم الاشتراك السنوي (1). علما ان تلك العوامل عوامل مؤثرة في تحديد مخاطرة البنك و احتمالية تعثره و تصفيته. و مما يجدر ذكره ان العديد من دول العالم تطبق انظمة متغيرة لاحتساب رسوم الاشتراك في نظام الودائع لديها غير ثابت لجميع البنوك و انما يتغير مع تغير طبيعة المخاطر الكامنة في موجودات البنك و طبيعة اعماله و اوضاعه السوقية و التشغيلية. حيث تشير معلومات جمعية ضامني الودائع الدولية (IADI) في تقريرها لعمليات ضمان الودائع لعام 2022 ان حوالي نصف انظمة ضمان الودائع في العالم اصبحت تطبق نظام رسوم غير ثابت انما متغير تبعا للمخاطر.(2)
جاء تاسيس نظام ضمان ودائع المودعين في الاردن كنتيجة للاتجاه الدولي باحلال مبدأ انضباط السوق (Market Discipline ), و يعني تفعيل الدور الرقابي لكبار المودعين في مراقبة الاوضاع المالية للبنوك التي يودعون بها و توزيع ودائعهم على البنوك الامنة الامر الذي كان له اثر كبير في تحسن الاداء المالي للبنوك في العالم و زيادة الشفافية المالية و التخفيف من حدة المخاطر الكامنة لديها و زيادة نسب الامان و الملاءة المالية, و بذلك حل مفهوم انضباط السوق مكان مبدأ التعويض الكلي لودائع المودعين في حالة تصفية البنوك,في حين لم تعد العديد من حكومات الدول قادرة ان تعوض المودعين لدى انهيار البنوك من خزانتها, التي يدفعها بنهاية المطاف المواطنون من خلال التحصيلات الضريبية, و اصبحت تشكل عبئا على موازنات الدول. و لقد كان لتأسيس هذا النظام في الاردن اثر ايجابي على تحفيز كبار المودعين و المستثمرين متابعة كفاءة و ملاءة البنوك التي يودعون بها و زيادة الوعي لدى المودعين و الانتباه الى توزيع ودائعهم على عدد من البنوك الامنة, كما ادى الى تراكم احتياطي لا يستهان به ( يبلغ حوالي مليار دينار ) في صندوق مؤسسة ضمان الودائع لتعويض اي بنك يتقرر تصفيته (3). علما ان البنوك العاملة في الاردن تخضع لمراقبة و تفتيش البنك المركزي الاردني الذي يطبق اسسا صارمة في الرقابة المصرفية و الملاءة المالية و اخر المعايير الدولية في كفاية راس المال كمقررات بازل 3. بالاضافة الى الرقابة المكتبية الموازية التي تمارسها مؤسسة ضمان الودائع على البنوك المؤمنة عن بعد.و يعتبر الجهاز المصرفي الاردني من الانظمة المصرفية الناجحة اقليميا و استطاع التغلب على الصعوبات الاقتصادية التي مر بها العالم مؤخرا و ظروف الوباء الاخيرة و يحقق ارباحا تشغيلية و يرصد تحوطا للمخاطر المحتملة. يحمي نظام ضمان الودائع في الاردن 97% من عدد المودعين بالدينار الاردني (3), و يحمي 38.5% من اجمالي ودائع الدينار (3) و هي نسبة معقولة اذا ما قورنت بنسبة 39% في القارة الاميركية و 61% في القارة الاوروبية.(2)
لقد بات تعديل اسس احتساب رسوم الاشتراك السنوية في مؤسسة ضمان الودائع امرا ضروريا من اجل تحقيق العدالة في تقاضي تلك الرسوم و لكي تتناسب و قيمة التعويض الذي تدفعه المؤسسة لمودعي البنك المراد تصفيته, مع استخدام معامل للرسوم يبقي على القيمة الاجمالية المتحصلة لصندوق المؤسسة ثابتا و يمكن الصندوق من الوصول الى الهدف الذي حدده القانون و هو 3% من الودائع الخاضعة للضمان لدى الجهاز المصرفي ككل(1), لكن بطريقة اكثر عدالة, بالاضافة الى تطوير نظام متغير مع طبيعة مخاطر البنك المؤمن كما فعل نصف ضامني الودائع في العالم.
المراجع و مصادرالمعلومات:
1 – قانون مؤسسة ضمان الودائع رقم (33 ) لسنة 2000 وتعديلاته رقم (8/2019).
2- تقرير جمعية ضامني الودائع العالمية IADI ) ): Deposit Insurance in 2022 Global Trends and Key Emerging Issues
3- اهم مؤشرات ودائع العملاء و المودعين بالدينار لدى البنوك الاعضاء في المؤسسة – موقع مؤسسة ضمان الودائع الاردنية.