خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

روسيا وأوكرانيا: دراسة حالة

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. أحمد بطّاح

ليس القصد من هذه المقالة اتخاذ موقف ما من الدولتين المتحاربتين الآن: روسيا وأوكرانيا بل القصد هو تفحص بديهية مُتفق عليها بين دارسي العلوم السياسية والسياسيين المحترفين وهي: أن السياسة الخارجية لأية دولة هي انعكاس إلى حدٍ كبير لظروف الدولة الواقعية أيّ لموقعها الجغرافي والاقتصادي، وبنيتها السكانية، وإرثها الثقافي، وتاريخها، ومحيطها الإقليمي.

وإذا طبقنا هذه البديهية السياسية على أحد طرفي الصراع وهو أوكرانيا فإننا كمحلين نستغرب أشد الاستغراب «للتموضع» الذي حاولت أن تأخذه في سياستها الخارجية أيّ محاولة النأي عن جارتها الكبرى روسيا والتقرب إلى الغرب وإلى درجة التطلع إلى الالتحاق بحلف «النيتو» الذي تقوده أميركا المنافس الأكبر لروسيا، وتنتظم في عضويته دول غربية لا تضمر العداوة لروسيا فقط بل غزتها فعلاً ذات يوم كفرنسا (على يد نابليون) وألمانيا على يد (هتلر).

إن الحقائق المتعلقة بأوكرانيا تفيد بأنها كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي لمدة سبعين سنة، (يبلغ عدد مواطنيها 42 مليوناً) 12 مليونا من مواطنيها روس، وبأن اللغة الروسية لغة رئيسية فيها، وأن شعبها يعود إلى العرق السلافي (كما هو الحال بالنسبة للروس)، وأنها دولة مجاورة لروسيا (بينما تبتعد عن الولايات المتحدة سبعة آلاف ميل)، وأنّ بدايات تشكل الهوية الروسية كانت في كييف (عاصمة أوكرانيا)، حتى قبل موسكو إلى درجة عدم القدرة على التمييز بين من هو روسي ومن هو أوكراني وان المذهب السائد فيها هو المذهب المسيحي الأرثوذكسي ?لتابع للكنيسة الأرثوذكسية الروسية مع وجود مُعين لاتباع المذهب الكاثوليكي في غرب أوكرانيا.

إن الحقائق الأنفة الذكر تفرض على أوكرانيا ان تتحالف مع روسيا لا مع الغرب، أما محاولة تموضعها الحالي مع الغرب فهو يتناقض مع كل المحيطات المنطقية، ولذا فلا غرابة ان نجدها تدفع الثمن وإن على مراحل، في عام 2014 خسرت شبه جزيرة القرم الاستراتيجية (كانت جزءاً من روسيا ولكن الزعيم الروسي خروتشوف ضمها إلى أوكرانيا في عام 1954 لغايات تنظيمية ضمن الاتحاد السوفيتي)، وفي عام 2016 أعلنت جمهوريتا دونيتسك ولوهانسك في شرق أوكرانيا انفصالهما، والآن ها هي تتعرض لهجمة كبرى من روسيا التي تطالبها بالحيادية أيّ بالامتناع عن الان?مام لحلف النيتو التي يريدها خنجراً في صدر روسيا عند الضرورة.

ولكن من الجهة الأخرى: ألا يحق لأوكرانيا كدولة مستقلة ذات سيادة أن تنضم لأيّ حل تشاء؟

بالطبع، نظرياً يحق لكل دولة أن تختار لنفسها ما تشاء من التحالفات ولكن الواقع مختلف عن النظرية في كثير من الأحيان (The gap between theory and reality) والواقع في حالة أوكرانيا وفي حالة غيرها كما أشرنا في بداية المقالة هو أن سياسة أية دولة أو تحالفاتها يجب أن تتم في ضوء ظروفها المحكومة بجغرافيتها، واقتصادها، وتاريخها، وتركيبتها السكانية، وغير ذلك من العوامل لا تستطيع التملص من تأثيراتها، وإلا فإنها ستواجه العواقب.

إن الواقع السياسي في حالة أوكرانيا يقول ببساطة انها تجاور دولة نووية كبرى هي روسيا (تستطيع تدمير العالم عدة مرات حيث تستحوذ على مخزون نووي يبلغ ستة آلاف رأس غير القدرات الأخرى)، وأن كل دولة كبرى تفرض مجالاً حيوياً لها بالضرورة، وأبلغ دليل على ذلك حادثة خليج الخنازير في ستينيات القرن الماضي حيث حاول الاتحاد السوفيتي نصب صواريخ متوسطة في أرض حليفته كوبا؛ فما كان من الولايات المتحدة أن أعلنت النفير وهددت بضرب كوبا ولم تُحل المشكلة إلا حين اضطر الاتحاد السوفيتي لسحب صواريخه مقابل الابقاء على النظام الشيوعي في ?لجزيرة.

ملخص القول ان كل دولة حرة نظرياً في تحديد خياراتها وتحالفاتها ولكن الواقعية السياسية تفرض عليها أن تأخذ بالاعتبار مجمل ظروفها الخاصة وإلّا فإنها تغامر بدفع الثمن الذي قد يكون باهظاً.

محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF