أعلنت الحكومة ومن جديد وللمرة الرابعة على التوالي انحيازها للمواطنين وأوضاعهم المادية وظروفهم المعيشية، من خلال توجيه لجنة تسعير المحروقات بالعمل على تثبيت أسعارها، بالرغم من ارتفاع أسعار النفط عالمياً وبشكل جنوني، بالإضافة إلى صعوبة الظروف المالية التي تعانيها الخزينة العامة للدولة.
حال المواطنين والسكان ليس أفضل حالاً من الحكومة، فالظروف المالية الصعبة التي تعيشها الحكومة والتي تتضح من خلال أرقام الموازنة التي تقدمت بها للعام الحالي، والتي تبين نسبة العجز الكبير فيها، وتوقعات ارتفاعه في حال حدوث أمور غير متوقعة مستقبلاً كارتفاع النفط وأسعار السلع عالمياً وأجور الشحن وغيرها من الظروف، غير أنها وخلال العديد من الاجراءات التي أعلنت مؤخراً من تخفيض رسوم جمركية ووضع سقوف لاجور الشحن واخرها تثبيت اسعار المشتقات النفطية محلياً رغم ارتفاعها بالمتوسط بما يقارب 20 دولاراً عن الشهر الماضي، تؤكد?أن الحكومة تضع نصب عينيها مصلحة المواطنين وعدم تأثر دخولهم بالمتغيرات العالمية على رأس اولوياتها بغض النظر عما قد تتحمله من اعباء إضافية على الخزينة للعام الحالي.
الحكومة وبالرغم من التشكيك والاستهانة من قبل البعض باجراءاتها، غير انها تخلت عن ايرادات تقدر بالملايين كانت ستورد الى الموازنة العامة، إلا انها انحازت الى تحقيق العديد من الاهداف التي تخدم الاقتصاد الكلي بهذه الاجراءات، ومن ابرزها الحفاظ على الطبقة المتوسطة، وتنشيط الاسواق والسيطرة على نسب التضخم من الارتفاع الى معدلات عالية تؤثر على قدرة المواطنين الشرائية، مما قد يتسبب في تراجع النشاط التجاري بمختلف الأسواق والقطاعات الاقتصادية في المملكة، وهذا ما لا ينسجم مع خطط وأولويات الحكومة الهادفة الى دفع عجلة الن?و إلى الارتفاع ودعم القطاعات بمختلف انواعها.
كافة التوقعات، كانت تشير إلى أن قرار لجنة تسعير المحروقات كان سيذهب باتجاه رفع اسعار المشتقات، بنسب متفاوتة تتراوح بين 4-8% وهذه نسبة غير بسيطة غير أنها منطقية اذا ما تم مقارنتها مع الاسعار العالمية للنفط والذي ارتفع متوسط السعر له بواقع 17 دولارا عن الشهر الماضي، والذي ارتفع إلى 86.9 دولار للبرميل في شهر كانون الثاني الماضي مقابل 73.9 دولار للبرميل المسجل في شهر كانون الأول الذي سبقه، ما يعني أن الحكومة ستتحمل ما يقارب 15 مليون دينار مما كانت ستحصله للخزينة على أقل تقدير، وتحملت في الشهور الأربعة الماضية ?ا يقارب 35 مليون دينار فروقات في اسعار النفط وتقلباته العالمية. انحياز الحكومة الحالي لمصلحة المواطنين والاقتصاد الكلي يجعلني مستغرباً، فهي بهذا الاجراء تكون قد خرجت عن إطار التفكير التقليدي والكلاسيكي للحكومات السابقة والتي كانت عادة ما تنحاز إلى المالية العامة بغض النظر عما قد ينتج عن ارتفاع الاسعار وانعكاسها على القدرة الشرائية للمستهلكين ونشاط الأسواق وإيرادات الدولة من الضرائب، ففي إجراءات الحكومة ديناميكية عالية تجعلها مختلفة عن سابقاتها بطريقة التفكير والاجراء.