تعتبر المعادن عنصراً مهماً وأساسياً لبناء اقتصاد الطاقة النظيفة العالمية والصناعة الحديثة.
ومن ضمن أهم المعادن هو الليثيوم الذي ارتفع الطلب عليه مؤخراً أربعين ضعفاً حيث أنه مادة رئيسية في تصنيع بطاريات سيارات الكهرباء والهواتف وألواح حفظ الطاقة من المصادر المتجددة كالشمس والرياح.
يوجه العالم اليوم أنظاره نحو تقليل انبعاثات الكربون مع زيادة الطلب على المعادن التي تستخدم في توليد الطاقة المتجددة وتخزينها من أجل الوصول إلى سيناريو الانبعاثات الصافية الصفرية في عام 2050.
إنَّ احتياجات الطاقة النظيفة قد تستغرق سنوات في ظل ارتفاع أسعار خامات المعادن كالنحاس والنيكل والكوبالت والليثيوم التي تنعش اقتصادات الدول المصدرة لتلك المعادن، ومن المتوقع أن تشهد أسعار هذه المعادن ارتفاعات في السنوات القادمة.. ان آثار تحول الطاقة المرجحة على أسواق المعادن طال المنتجين والمستوردين وأثر على الاقتصادات خصوصاً ما بعد الجائحة.
إن التغير المناخي الحاصل وارتفاع درجات الحرارة العالمية يتطلب تحولاً في نظام الطاقة نحو تبني الطاقة النظيفة المعتمدة على المعادن بشكل مسبق مما يستدعي زيادة الطلب على المعادن التي يتم استخدامها في التكنولوجيات المنخفضة الانبعاثات بما فيها الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية والهيدروجين واحتجاز الكربون التي تتطلب قدراً من المعادن أكبر مما تتطلبه التكنولوجيات المناظرة التي تستخدم الوقود الأحفوري.
ومع ازدياد أهمية الليثيوم والكوبالت بدأت البورصات في تداولهما نظراً لمساهمتهما في التحول لنظام الطاقة النظيفة واستقرار النحاس والنيكل.
ومن أجل ترجمة رؤى وكالة الطاقة الدولية وتحقيق الحياد الكربوني فإن العقد القادم سيشهد إقبالاً على المعادن الصديقة للبيئة ومن المتوقع أن يقفز استهلاك الليثيوم والكوبالت ستة أضعاف فيما يرتفع استهلاك النحاس والنيكل بمقدار أربعة أضعاف.
إن زيادة الطلب على المعادن تعمل على رفع الطاقة الانتاجية لذلك تتأثر اتجاهات الامداد بالابتكارات فيما يتعلق بتكنولوجيا الاستخراج، وتركز السوق بالاضافة إلى القواعد التنظيمية البيئية.
ويبقى السؤال فيما إذا كان التعدين يفي بمتطلبات الاستهلاك العالمية في ظل تطبيق الحياد الكربوني وارتفاع التكاليف المرتبطة بها التي يمكن أن تؤخر عملية تحول الطاقة نفسها، مما يعمل على رفع الأسعار لمستويات قياسية.
إن الطلب على المعادن الأربعة في العقود المقبلة يعمل على بلورة سيناريو الانبعاثات الصافية الصفرية والتي ستحدث تحولاً في نظام الطاقة. ما يعمل على زيادة الإنتاج ويحقق لمنتجي السلع الأولية أرباحاً غير مسبوقة خصوصاً في الدول التي يتركز وجود تلك المعادن فيها مثل الكونغو، أفغانستان، استراليا، البيرو، روسيا، أندونسيا وجنوب افريقيا.
إن ظروف عدم التأكد فيما يتعلق بالطلب تشكل تحديا بالاضافة إلى التنبؤ بالتغير التكنولوجي وسرعة اتجاه تحول الطاقة المرتبطين بالقرار السياسي.
إن التوجه الدولي في تبني سياسة مناخية منسقة يحافظ على البيئة والعمل والقطاع الاجتماعي والحوكمة تساعد للاسواق للعمل بكفاءة أعلى وتوجيه الاستثمار للتوسع في إمداد المعادن وتعزيز سبل التعاون الدولي.