مشروع يتجدد مع تطلع الشباب نحو المستقبل وتحقيق الذات والطموح والأمل والبحث عن فرص مناسبة، وغالباً ما يكون ذلك نحو الخارج نظرا لما تشكله الظروف المحيطة للشباب من تحديات وعقبات في البلد الام.
ثمة العديد من الأسباب التي تدفع الشباب للهجرة والاستقرار في الخارج، وهناك الكثير من عوامل الجذب والطرد والتي تساعد في قرار الهجرة والعيش في الخارج بعيدا عن الديار والأهل.
هجرة الكفاءات وخسارة الوطن لمجموعات رائدة ومبدعة ومتميزة، خسارة بكل معنى الكلمة لطاقات عظيمة الفائدة والعطاء تأخذها الدول على طبق من ذهب وتستفيد منها وتوفر عليها منها كثيراً وفي المجالات والتخصصات كافة.
قبل فترة جلست مع مجموعة من الشباب المتحمس للهجرة والهروب من التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تحيط به، تحدثنا عن المؤهلات المطلوبة للهجرة وعن المهارات المحددة للهجرة وعن النقاط المطلوبة بشكل عام لمن يرغب بتقديم طلب الهجرة واستيفاء الشروط بشكل ملائم للمنافسة للبدء في إجراءات الإقامة والجنسية والتفاصيل الأخرى.
استغربت من سطحية التفكير والاعتقاد لدى بعض الشرائح من الشباب والتي تتصور أن الهجرة قرار يمكن تنفيذه فوراً بعد الشكوى والتذمر من الأوضاع الراهنة ودون امتلاك أبسط مقومات الهجرة ومنها الشهادة الجامعية واتقان اللغة والمهارات المطلوبة وتوافر القدرة المالية لتأمين الأوراق الثبوتية والمترجمة والمصدقة حسب الأصول وتفاصيل أخرى حاسمة في الحصول على الموافقة من السفارات الدبلوماسية المعتمدة وليس بعض الشركات التي تصطاد من يرغب بالهجرة بطرق ملتوية.
تستقطب العديد من الدول طلبات الاستثمار للإقامة والحصول على الجنسية وذلك للحصول على نوعية معينة من القادرين على رفد الاقتصاد بموارد إضافية، فعلت ذلك مصر وتركيا وبعض الدول الأوروبية، ولكن تلك الفرص المتاحة لا تخدم الشباب كثيراً سوى بالاستفادة من بعص الفرص في قطاع الخدمات والمهن.
المهارات والخبرات والمؤهلات المطلوبة للشباب للهجرة ليست بتلك السهلة والبسيطة؛ يحتاج الشباب إلى العديد من الكفاءة العلمية والعملية للهجرة غير عامل العمر، ويحتاج الشباب إلى قناعة راسخة أن الوطن هو من تعب عليهم ووفر لهم البيئة المناسبة من التعليم والتحصيل والمعرفة.
قد يكون مشوار العلم والسفر للخارج للالتحاق بالجامعات مدخلاً مناسباً للتفكير وبشكل جدي لعدم العودة إلى الوطن والاستقرار في الخارج والاستفادة من المميزات المادية والمعنوية في الخارج والقدرة من ثم على مساعدة ودعم الاهل بشكل أفضل في حال العودة بعد التخرج والعمل في القطاع العام أو الخاص وبدخل أقل من المتوسط.
قصص عديدة من تفوق شبابنا في الخارج تذكر بفخر واعتزاز، ولكن وبالمقابل ثمة قصص اخفاق وفشل لا بد من الإشارة اليها سواء في بلاد الاحلام البعيدة والقريبة والتي ترهق الأهل والبعثات الدبلوماسية في الخارج للبحث عن فئات معينة من الشباب وتتبع أخبارهم وحل مشاكلهم قدر المستطاع.
شراء بيت في بلد معين أو تحويل مبلغ مالي ضخم للاستقرار والإقامة الدائمة والهجرة بالطبع فيه الكثير من الآثار الإيجابية والسلبية على الوطن، وفيه نقل جهد وثروة ليست بالقليلة إلى الخارج، فهل يشكل ذلك قلقاً على المستوى العام والخاص لما يمكن أن يشكله من ضرر وحتى فائدة على المستوى البعيد؟ نتعب على شبابنا كثيراً ونرقب مشروعهم للهجرة والاستقرار في الخارج بمشاعر متباينة، ولكن هل نشعر بحجم خسارتنا من ذلك كله، وهل نعي بحق السبب الحقيقي والمبرر وراء قرار الهجرة والذي نأمل أن يكون دافعاً لما فيه الخير للجميع، وليس غير ذلك! [email protected]