فوز نادي الرمثا ببطولة الدوري حدث يمكن قراءته من وجوه عديدة, حسب اهتمامات القارئ والزاوية التي يقرأ منها ما يجري أمامه, وحيث اننا نعيش فترة يتصاعد فيها الحديث عن الهوية, فإن فوز نادي الرمثا فرصة للقول بأن بناء الهوية لأي مجتمع صغر أم كبر, لا يتم بشقشقة اللسان ولا بالثرثرة التي لا تجد لها صدى عند الناس, لكنها تتحقق بالإنجاز الذي يتراكم حتى يصبح واضحاً للعين, فهاهو نادي الرمثا ينهض من كبوته التي امتدت لأربعين عاماً ليستعيد كأس البطولة الذي خرج من عمان لأول مرة على يد نادي الرمثا, وهاهو نفس النادي يخرج كأس البطولة من عمان للمرة الثالثة, ليعطي للرمثا هويتها مدينة للرياضة وعاصمة لكرة القدم الأردنية, فالإنجاز ونوعيته هو الذي يعطي للأشخاص وللمجتمعات بل وللدول هويتها.
ومثلما أعطى نادي الرمثا للمدينة هويتها, فقد صار رمزاً لها وصارت المدينة تعرف بالنادي مثلما عرف النادي نفسه بمدينته «نادي الرمثا» وهكذا هو حال النجاح يحول الناجحين إلى رموز عبر إنجازهم.
والإنجاز ليس عملية آنية عابرة, لكنه تراكم الاستعداد والعمل المنظم الذي يقود إلى النجاح بعد الأخذ بالأسباب, وقبل ذلك تحديد الهدف والالتفاف حوله, وهو بالضبط ما فعله الرماثنة فقد حددوا هدفهم, وهو العودة إلى قمة الدوري, وكان هذا يستدعي أولاً التخلص من كل عوامل الضعف الذي اعترت ناديهم, وأولها التشتت والاختلاف اللذان يعصفان بأقوى المؤسسات وأقوى التجمعات بل وأقوى الدول, لذلك ظهرت الرمثا يوم الخميس الماضي وراء ناديها كتلة واحدة وهتافاً واحداً صار فرحاً واحداً.
لقد أدرك الرماثنة أن اقصر الطرق الى نبذ الخلافات هو الانتقال من مرحلة الشقشقة والثرثرة عن الخلافات واسبابها, إلى العمل الفعلي على الأرض لتحقيق النجاح, مهما بدا صغيراً, فلا يوحد الناس وينسيهم خلافهم إلا النجاح, الذي يسعى الجميع إلى الالتفاف حوله والانتساب اليه ولا شيء يفرق الناس كالفشل الذي يفر منه الناس, ويتنصل منه الجميع بمن فيهم أهله, وهو بالضبط ما فعله الرماثنة في طريقهم كي يستعيد ناديهم مكانة الصدارة مستفيدين أيضاً من حالة الضعف والوهن التي أصابت غيرهم, اما من باب الغرور أو من باب الفرقة, فهل نتعلم على المستوى الوطني من تجربة مدينة من مدن وطننا اسمها الرمثا..