لا نذيع سراً، بوجود أزمة ثقة بين المواطن والإعلام الرسمي، فهذه الإشكالية التي اقر بها مسؤولون ووزراء إعلام سابقون، وتحدثوا مطولا عن إمكانية تخطيها ومجابهتها، باتت بحاجة إلى قرار رسمي يتماهى وخطوات التمكين المطلوبة، وبما يخدم تطوير الدولة لأذرعها الإعلامية، وفقاً للمعطيات الموضوعية المحلية والخارجية.
البداية تمكن في إشكالية تصنيف الإعلام بين ما هو (رسمي وشبه رسمي، أو إعلام مستقل) إذا المشهد الإعلامي وفقاً لهذا التصنيف، وحسب الألوان الثلاثة السابقة يعتمد على الوجود الحكومي في مجالس الإدارات، أو مدى قربها أو بعدها من المواقف الحكومية، وقد تختلف الأدوات الحكومية حول هذه التصنيفات.
مكمن هذا التراجع مرده بالدرجة الأولى إلى تأثره بالأداء السياسي لبعض الحكومات، فهذا النوع من الإعلام لا يمكن إلا أن يخدم سياسات حكومية حتى لو كان على حساب المصداقية والمهنية وعلاقته بالمواطن.
من المؤسف أن يبقى الإعلام الرسمي دائماً يدفع ضريبة الأداء السياسي الضعيف للمسؤولين، ليخسر بذلك جزءاً من صورته وعلاقته وثقة الناس به.
تعامله مع بعض الأحداث الكبرى، وخاصة ذات الطابع السياسي والوطني تركت أثراً سلبياً في علاقته مع المواطن، لا بل أنه غدا مثارا للانتقادات والتندر.
الاعتراف أن القرار الحكومي شكل جزءاً من الأزمة هي بداية الحل، فهذا النوع من الإعلام قد لا يستطيع أن ينقل حدثاً أو خبراً إلا بقرار حكومي، كما أن الدعم المالي يشكل عبئاً على الإعلام الرسمي، سيما أن موازناته تذهب أغلبها للرواتب فيما نصيب حصة الإنتاج الإبداعي محدودة، أو حتى معدومة إلى حد ما.
المطالبة بإعادة إنتاج الإعلام الرسمي لدوره، مؤشر إلى ما وصل إليه من تراجع لدوره في كسب ثقة الجمهور.
كما أن صناعة إعلام جاد ذي مصداقية بصرف النظر عن تصنيفه يكمن في مهنيته، ومدى اقترابه من الناس وقضاياهم، مع عدم إغفال دور كفاءة العقل السياسي الذي يدير الإعلام الرسمي كبوابة لاستعادة هذا الإعلام لدوره وعلاقته الحسنة مع المواطن.