ماذا عسى للحكومة أن تفعل؟ سؤال قد لا نجد له جوابا في خضم ما نتعرض له من تحديات وعقبات وأزمات وصعوبات وتداعيات في الملفات كافة والتي يمكن أن تشير اليها دراسات الاستطلاع والرصد والمتابعة والتقييم.
الصعوبة التي تواجه الحكومة عند اتخاذ القرارات، هي ذاتها وعلى مدار الظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتي تحدد نقطة التوازن المنشود بين ما هو مطلوب وبين ما يمكن تحقيقه.
الهجوم على الحكومة لا يجدي نفعا للتوصل إلى حلول آنية، ولا يكفي لتدافع الحكومة عن قراراتها وتقديم مبرراتها لمجمل ما تريد انفاذه، ولن يفيد في الكشف عن الضغوطات التي تقع على عاتق الحكومة وما تتعرض له من ظروف ليست بالسهلة على أقل تقدير.
تغيرت ظروف عديدة خلال العقود الماضية، وكم نصاب بالتناقض عند التعامل مع تلك الظروف؛ نطالب الحكومة بالكثير ونمارس ذات الوقت بدورها وفي مجالات الحياة كافة وأهمها البيت وأسلوب التربية والتعليم وغرس القيم السليمة في الأجيال، لقد قل إلى درجة كبيرة الاشراف المنزلي، وضعفت اساسيات الإدارة الذاتية، وكم من مثال يمكن ذكره عن اعتبار جديد لسلم أولويات الاسرة وإعادة ترتيبها وفقا لمتطلبات الظروف المستجدة.
تغيرت ظروفنا الاجتماعية كثيرا، وبات من السهل التخلي عن الواجبات والمطالبة بالحقوق، نطالب الحكومة بإلغاء التجمعات، ونستدين لحضور حفلة ومناسبة ودعوة، ونسرف ونبالغ في مظاهر الفرح والعزاء غير مبالين بوضع البلد والظروف الصعبة التي نمر بها.
مفارقة عجيبة أن يشكو مالك سيارة فارهة من ارتفاع سعر البنزين، وفي ذات الوقت يبخل على زيادة راتب مستخدم في شركته أو تقديم مساعدة وسلفة شخصية له قد لا تعني شيئا كبيرا لأصاحب المشروع والشركة.
الدفاع عن الحكومة يعني البحث عن جميع فرص تحويل التحديات إلى فرص والعناية بالتطوير الإداري المنشود في القطاع العام، وتقديم تقارير المتابعة والتقييم لمؤشرات الأداء المتفق عليها في سجل الأداء الحكومي وبروية وشفافية ومصداقية، بعيدا عن ضجيج الأرقام والاحصائيات الصماء.
ظروف عديدة تأتي بحكومات وتذهب بحكومات، ولهذا ينبغي التفكير جديا وخلال المراحل القادمة للتركيز على تهيئة قيادات واعدة قادرة على المتابعة والتقييم ومن خلال القنوات المشروعة.
الدفاع عن الحكومة واجب وطني للحفاظ على مؤسسة من مؤسسات الدولة وهيبتها ومن خلال النقد البناء والمبني على الحقائق والمعلومات والبيانات، بعيدا عن الانتقاص من الجهود والإنجازات المبذولة في المجالات كافة.
لكل حكومة دور ومهمة وإدارة محددة والتي تحاول جاهدة الحفاظ على الرضا العام قدر الإمكان والتوفيق بين الإمكانيات المتاحة والمطالب، والتعامل مع الظروف المحيطة بتحوط، ومهما يكن، فلكل حكومة مرحلة ومحك توفر لها عوامل النجاح والاستمرار.
لا بد من الدفاع عن الحكومة بتعقل ومنطق وتجرد وبدرجات معقولة من المحاسبة والنقد والمراجعة وبمطالب قابلة للتحقق وتوافق مع المصلحة العامة وخدمة الدولة ومراعاة للظروف كافة.
ليس من المطلوب ومع سائر ما تصدره المراكز من نتائج، التسرع في الهجوم على الحكومة، ولكن المطلوب بحق وأمانة الالتفات إلى حجم العمل المطلوب في الملف الاجتماعي والإدارة الذاتية والتفكير السليم في توجيه التربية نحو تحديات جديدة علينا مواجهتها بوعي وتفهم؛ ليست المسألة دفاعا وهجوما، القضية برمتها وطن علينا الحفاظ عليه سليما، الحكومات تمر، ويبقى السؤال ونزيد عليه: ماذا عسى للحكومات ان تقدم إن لم نقف معها في جوانب المحطات والمراحل جميعها لنعبر إلى بر الأمان معا؟.
[email protected]