م. فواز الحموري
مسافة طويلة صوب الجنوب وصوب العقبة، وزيارة عمل هي وسط الأسبوع، للبحث عن مدى للتنمية والتفكير طوال الطريق والتدبر في مسافات الحياة التي تعج بمحطات من العمل والتعب والمحاولة والاجتهاد.
تسابق الخطوات المدى وتبدو كذلك بعد الخروج من حدود عمّان إلى مشارف التاريخ والحضارة الممتدة من الوجدان والعقل مرورا بالأسئلة جميعها عن كل ما يتصل بالجغرافيا والمكان والزمان في مقدمة صفحات أردنية خالدة.
توقيت مناسب للانطلاق مع ساعات الصباح الأولى وقبيل الشروق بقليل، وحث الخطى صوب الجنوب مرورا بتضاريس ومشاهد عديدة، متصلة ببعضها تارة، وتفصلنا فواصل عن بعضها البعض بعد القرب من الطريق الصحراوي والذي تحسن لدرجة معقولة من الراحة وبدرجات أقل من الخطر والتعرض لحوادث صعبة.
ذات مرة وفي منتصف الثمانيات، ذهبنا مجموعة من الشباب ممن تخرجنا من الجامعة الأردنية صوب طريق المطار لزراعة الأشجار الحرجية على مدى الطريق الطويل، زرعنا أعداداً كبيرة منها، امتد العمار حتى وصلها الى سيطرته وغاب منظرها مع الزحمة، ولهذا، هل يكون للسؤال أهمية للاستفسار عن عدم زراعة الخط الصحراوي الممتد باتجاه الجنوب بالأشجار الحرجية والتي تتحمل الجفاف وهناك العديد من الأصناف الحرجية الجديدة و"الذكية» في هذا المجال؟
حركة صباحية نشطة وكذلك المسائية من وإلى الجنوب والعقبة، ويتصدر باص «جت» الموقف والذي هو بحق سفير وصديق وفي لمشوار الترحال شمالا وجنوبا إلى سائر الحافلات الأخرى في مجال النقل، وربما منافس ثابت وشاهد عيان لأي مشروع قد يكون في المستقبل القريب والبعيد لتطوير شبكة المواصلات على هيئة قطار أو ما يشبه ذلك.
يعتبر سفراً يومياً هو الاتجاه صوب الجنوب وإلى العقبة وليس الكرك على سبيل المثال والقرب وليس معان أو البترا وجميعها منازل عز وترحاب لمن يقصدها وعلى مدار العام والتجوال والاستقرار.
صوب الجنوب، ثمة رواية أردنية تستحق الكتابة والبوح عن درب يصلح للتفكير في زحمة عمّان وثقل متاعب النظر إلى بنايات أصبحت متقاربة من مدى النظر والضجيج والزحمة؛ تنطلق الخطوات ولمئات الكيلومترات ولمساحات جرداء ولسؤال قديم حديث: لماذا؟
عبر القطرانة وأكثر من ذلك وأبعد، تستقبلك العقبة ونهارك المشرع للعمل وإنجاز المهمة والاجتماع والذي يستغرق الوقت كله لحين التوقف عن مشارف التجوال في محيط المدينة والعودة إلى ما كانت عليه قبل سنوات ليست بالقصيرة.
مع ثنايا التطوير والتحديث والعمل الجاد لنقل الراحة وحتى الرفاهية للعقبة، تبقى عمّان والجو العماني حاضرة مع موسم الاتجاه صوب العقبة ونحو البحر والموج وتغيير الجو، والتمتع بمزايا التنقل مع نسمات المساء وساعات الفجر.
يمتد الأمل في حاضرة الجنوب وقطع الأميال، لرؤية البحر وركوب الموج، والغوص في جنبات الحياة والبحث عن الراحة دونما زحمة.
زياره العقبة ليست للتسوق وان كانت بضاعتها متوافرة في عمّان، ولكنها زيارة مهمة لتحديد وجهة النظر إلى ارجاء الحقيقة، وإلى المباشرة في العودة إلى عمّان.
حفظ الله هذا الوطن الغالي، يأخذك لتعود إلى نبض القلب وإلى مساحة الانتماء والوفاء في الحل والترحال.
عشت أردنا العزيز بأهله ومشروعه الرائع نحو المستقبل بثقة وشموخ.
[email protected]