هناك بعض المؤشرات الاقتصادية المهمة التي ظهرت عن الربع الثاني من هذا العام تشير بوضوح الى أن التعافي الاقتصادي دخل الاقتصاد الاردني من أوسع ابوابه ومنها نمو الناتج المحلي الاجمالي بنسبة موجبة لم تتحقق منذ سنوات وتراجع معدلات البطالة وان كانت بنسبة ضئيلة.
رئيس الوزراء، الدكتور بشر الخصاونة، طرح في مقابلته مع التلفزيون الأردني قبل أيام عدداً من المشروعات التنموية والاقتصادية والاستثمارية المشتركة ما بين الأردن والعراق ومصر ولبنان وسوريا، وإعاد تأكيده على مكونات برنامج أولويات عمل الحكومة الاقتصادي، واطلاق مشروعات كبيرة بالشراكة مع القطاع الخاص كـمشروع تحلية ونقل المياه «الناقل الوطني».
باعتقادي، جميعها مشروعات ايجابية وتتطلب تفعيل الشراكة الفعلية مع القطاع الخاص لتنقل الاقتصاد من مرحلة الإطلاق الى مرحلة العمل على أرض الواقع. الأمل بأن يتم توفير تمويل لهذه المشروعات من خلال ادوات غير تقليدية ومنها مصادر التمويل الأخضر عن طريق إصدار سندات خضراء. فمشروع الناقل الوطني حيوي لدرجة كبيرة لانه سيوفر كميات كبيرة من المياه الصالحة للشرب، ويقلل من النقص الحالي في المياه. الأمل أيضا بان يتصاحب هذا المشروع مع معالجات لمسألة فاقد المياه المرتفع الذي يصل الى نسبة 47 بالمئة، وتعاني منه المملكة منذ عقود ?وال ويدفع ثمنه المواطن وخزينة الدولة. فالأوضاع الاقتصادية لا تحتمل التأخير ولاسيما في ظل عدم وجود حيز مالي لدى خزينة الحكومة تمكنها من تنفيذ هذه المشروعات وفي ظل حاجة الدولة لمثل هذه المشروعات التنموية التي تحرك الاقتصاد وتوفر فرص العمل. الكرة بملعب الحكومة وملعب القطاع الخاص ورجال الأعمال معاً. إن المشروعات المطروحة في برنامج الحكومة جيدة، ولكن الاقتصاد الأردني بحاجة ماسة لإطلاق خطة اقتصادية استراتيجية شاملة للنهوض بالاقتصاد الوطني تتضمن عددا أكبر من المشروعات التنموية في مختلف القطاعات والمحافظات وفقا لل?يزة التنافسية لكل محافظة بعضها ينفذها القطاع الخاص وأخرى وفقاً لمعادلة الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فهذه الخطة هي المخرج الحقيقي لتنشيط الاقتصاد واستعادة معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة والبناء على ما تحقق في الربع الثاني من هذا العام، الذي تحققت فيه معدلات نمو ايجابية مرتفعة نسبيًا وصلت الى 3.2 بالمائة، ما يعطي انطباعًا حقيقيًا بان الاقتصاد الاردني بدأ بالخروج من تداعيات الازمة التي سببتها جائحة كورونا، كما أن معدلات البطالة انخفضت ولو بشكل بسيط وهذا مؤشر أولي أيضاً على بدء تعافي الاقتصاد والأسواق.
وهنا نؤكد أهمية استعادة زخم الاستثمارات العربية والاجنبية، من خلال تواصل الحكومة ووزاراتها ومؤسساتها المختلفة وتعاونها مع القطاع الخاص بمختلف مكوناته، وخصوصا رجال الاعمال والمستثمرين للبدء بطرح وارساء العطاءات وتنفيذ المشروعات.
وطالما أنه تقرر ايجاد وزارة استثمار حاليا، فلا بد من العمل على تسريع استكمال اجراءات إنشائها على ارض الواقع لتمكينها من القيام بالواجبات المترتبة عليها لتحفيز الاستثمارات المحلية واستقطاب الاستثمارات العربية والأجنبية.
اما فيما يتعلق بمشروعات الطاقة، فنشير إلى ضرورة الاستفادة من المشروعات البيئية مثل الطاقة المتجددة التي ستعمل على زيادة الاعتماد على الذات، آملين أن تنعكس بالإيجاب على فاتورة المملكة للطاقة، وتلك التي يدفعها المواطن.
كما ولا بد أن نولي القطاع الزراعي أهمية خاصة لتعظيم القيم المضافة التي يضيفها سنويا للناتج المحلي الاجمالي، فالقطاع الزراعي من اهم قطاعات الانتاج السلعية في الاقتصاد ويجب دعمه بكل الوسائل المتاحة لانه يعني أمنياً غذائياً وصحياً للمواطنين ويعني المزيد من الاعتماد على الذات. ومساهمته في الناتج وصلت الى حوالي 5.5 بالمائة عام 2020 ونأمل أن تزيد هذا العام. اما مساهمته في الصادرات الوطنية، من مواد غذائية وحيوانات حية، فتصل الى حوالي ١٤ بالمائة تقريبا من اجمالي الصادرات الوطنية، وهذا يعني دعم الاحتياطيات من العمل?ت الاجنبية للمملكة وتشغيل للايدي العاملة التي نأمل أن يتضاعف عدد الأردنيين فيها عبر السنوات بعد أن يتم شمولها بالتأمينات الصحية والحماية الاجتماعية ومختلف أشكال الرعاية من قبل القطاعين العام والخاص، ولنا تجارب ناجحة في القطاع الخاص بهذا الخصوص.
التعافي الاقتصادي دخل الأبواب
11:45 23-10-2021
آخر تعديل :
السبت