لطالما كان وسيبقى الجيش العربي الأردني، هو المؤسسة الأولى التي تمثل رمز عزة الوطن، واستقلاله، وهي المؤسسة التي تمثل بجنديتها قيم الأردنيين الحقة، التي تنتج مفاهيم الولاء للقيادة والانتماء للوطن.
ومن بين أوراق المئوية، خطاب الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، في الجيش العربي، يوم إعلان استقلال المملكة في الخامس والعشرين من أيار عام 1946م.
وتروي جريدة الدفاع في عددها الصادر في 26 أيار 1946م، جانباً من احتفالات المملكة بإعلان الاستقلال، تحت عنوان «استعراض الجيش الأردني وخطاب جلالته في الجنود»، قائلة: «استعرض جلالة الملك عبدالله (الأول) بعض وحدات الجيش العربي الأردني قبل ظهر اليوم في مطار عمّان، وقد نصبت على أطراف ساحة المطار عشرات من السرداقات لحلول المدعوين من أعضاء الوفود العربية ورجال السلك السياسي والبعثات الأجنبية وزعماء البلاد».
وقدرت الصحيفة عدد المدعوين، بعشرة آلاف شخص، ونصبت في ساحة العرض منصة وقف عليها جلالة الملك وسمو الأمير عبدالإلــه وأمراء البيت المالك وكانت الأعلام الأردنية والعربية تخفق في سماء المطار.
وتوثق «الدفاع» خطاب الملك المؤسس في جنود الجيش العربي، بقوله «جيشنا الباسل.. يسرنا أنّ نرى في مجالك عزة الوطن والقدرة القومية في الدفاع عن الحوزة وصيانة الحق وأن تكون تحيتك لنــا رمزاً لطاعة الجندي وفنائه المطلق في العلم والوطن والقيــادة».
ويواصل الملك المؤسس القول «يا جنودنا وأبناءنا، أنتم سياج وطنكم ويوم الاستقلال هذا هو الفخر اللامع من بريق سلاحكم واني لمغتبط لما شاهدت من حُسن نظامكم وتدريبكم وأرجو أنّ تكون العاقبة لكم ما دمتم المثل الذي يحتذى في التضحية باسم الأمة العربية، وفي البسالة والطاعة وأداء الواجب، كان الله معكم وأعز الوطن بكم».
لقد كان يوم الاستقلال عام 1946م، مناسبة عمت خلالها أجواء الفرح في الأردن وفلسطين، ومن مظاهر هذا الاحتفال، ما ذكرته الجريدة في ذات العدد عن التعبير بمظاهر الفرح بإعلان الاستقلال بالقدس، بقولها «لم يقل ابتهاج العرب في هذه المدينة بالحدث السعيد الذي تحتفل به المملكة الأردنية الهاشمية».
ومن هذه المظاهر، رفع الأعلام الأردنية على المحال العربية بالقدس، كما رفع قناصل الدول العربية الأعلام على دور القنصليات مشاركين المملكة الأردنية بعيدها السعيد الميمون.
وتورد الصحيفة تهنئة رئيس سدنة المسجد الأقصى مصطفى الأنصاري إلى الملك المؤسس، بهذه المناسبة، وجاء فيها «إنّ اعتلاءكم عرش البلاد الأردنية، فخر لها، وكسب للعروبة والإسلام، فإلى أعتاب جلالتكم يتقدم آل الأنصاري سدنة الحرم الشريف إلى سبط رسول الله الكريم بخالص التهنية والتبريك داعين الله تعالى من أولى القبلتين وثالث الحرمين أنّ يحفظ جلالتكم ويؤيدكم بنصره ويبارك عرشكم ويعلي رايتكم في الخافقين».
كما عمّت فرحة إعلان استقلال المملكة مدناً فلسطينية أخرى، بينها يافا وحيفا ونابلس، التي حضرت وفود منها إلى عمّان للتهنئة بالاستقلال الأردني.
وأقيمت في حيفا حفلة استقبال نظمتها قيادة الحامية الأولى للجيش العربي، بمناسبة مبايعة الملك عبدالله الأول ابن الحسين ملكاً على الأردن، وحضرها أعيان المدينة ووجوهها.
ومن بين أوراق التهنئة التي رفعها أهالي حيفا إلى الملك المؤسس بهذه المناسبة، برقية القاضي محمد برادعي العباسي وكان آنذاك يتولى أيضاً، رئاسة لجنة اليتيم العربي، وجاء فيها «إن لجنة اليتيم العربي بحيفا التي تلطف صاحب الجلالة فشملها برعايته السامية تتشرف في هذا اليوم الخالد في تاريخ العرب بأن تكرر بيعتها لجلالته وترفع لسدته الملوكية أصدق آيات التهاني بإعلان استقلال المملكة الأردنية الهاشمية في ظل ملكه السعيد وتتقدم بأخلص شعائر الولاء لعرشه المفدى..».
إنّ أهمية هذه الوثائق في أنها تبرز الوشائح التي عززها ملوك بني هاشم بين الأردن وفلسطين، وهي تعبير صادق عن علاقة راسخة لطالما وثقها التاريخ، والحاضر.