محمد يونس العبادي
من بين أوراق المئوية، التي تشرح تطور مؤسساتنا الوطنية، ما ترويه وثائق عدة عن الجامعة الأردنية وتأسيسها.
ومن أبرز الوثائق التي تشرح تأسيس هذا الصرح الذي أسس لحالة تنموية وتعليمية وتنويرية، نص الإرادة الملكية بتأسيس الجامعة الأردنية في الثاني من أيلول عام 1962م.
وجاء في نص الإرادة الملكية: «فلما رأينا اندفاع الأجيال الصاعدة من أبناء أسرتنا الأردنية في طلب المزيد من العلم المتخصص العميق وتعطشها الى المعرفة الأصلية الواعية، وبالنسبة الى ما يزخر به تراثنا العربي الماجد وثقافتنا الإسلامية الخالدة من منابع الهدى والنور والقيم الانسانية العليا التي نرى من واجبنا نشرها في الأرض رسالة خير وبركة وسلام، ونظرا لما يتيه به وطننا العزيز من كنوز حضارية وثقافية لا بد من الحفاظ عليها والكشف عن معالمها وتعريف الاسرة الاردنية بها، وبالنظر الى ما تتطلبه ميادين الخدمة والبناء من متخص?ين في العلوم والآداب والفنون ليسهموا في النهضة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في الأردن الحبيب والوطن العربي الكبير ويواكبوا الركب الانساني المنطلق في مجالات الفكر والانتاج والإبداع ويتمرسوا بأصول البحث العلمي ومناهجه ويضعوا خلاصة علمهم ونتاج بحثهم وابتكارهم في بناء بلدهم وخدمة امتهم وسائر بني الانسان، فإننا ايمانا منا بهذا كله واستجابة له وبالاستناد الى المادة 40 من الدستور وبناء على ما قرره مجلس وزرائنا نصدر ارادتنا بما هو آت: تؤسس في المملكة الأردنية الهاشمية جامعة تدعى الجامعة الأردنية يكون مقرها موق? الجبيهة في عاصمة المملكة».
لقد وضع نص الإرادة عناوين الطريق للجامعة، إذّ شهد الأردن قبل عقدٍ من تأسيس الجامعة الأردنية، توسعاً في التعليم الابتدائي والثانوي، وارتفعت نسب من يتلقون التعليم في المدارس إلى مجموع السكان، وأصبح من ينهون مرحلة الثانوية العامة بالآلاف، ما عزز الحاجة والشعور إلى تأسيس جامعة في المملكة، تستوعب هذه الأجيال المتعلمة، وترفد قطاعات الدولة والمجتمع بالتخصصات والمهارات المطلوبة.
ولم يمض على صدور الإرادة الملكية ثلاثة أشهرٍ ونصف الشهر، حتى بدأ التدريس في السنة الأولى بكلية الآداب، وهي الكلية الأولى في الجامعة، وذلك في الخامس عشر من كانون الأول من السنة نفسها.
وبعد نحو ثلاثة أعوامٍ من بدء التدريس في كلية الآداب، بدأ التدريس في كليتي العلوم والاقتصاد والتجارة، وذلك بتاريخ الأول من تشرين الأول عام 1965م.
كان عدد الطلبة الذين التحقوا بالدراسة في العام الأول من عمر الجامعة 167 طالباً، من بينهم 18 طالبة، وكان يتولى تدريسهم ثمانية أعضاء هيئة تدريس فقط، منهم خمسة غير متفرغين.
أما ميزانية الجامعة، فقد بدأت بخمسين ألف دينارٍ فقط، وكانت مساحة الأرض التي قدمتها الحكومة لتكون حرماً للجامعة نحو 600 دونم، وكان مشيد عليها مبنيان قديمان.
وبعد مرور ثمانية أعوامٍ على تأسيس الجامعة، فقد بلغ عدد طلابها (2683) طالباً، الثلث منهم طالبات، وضمت في رحابها (170) عضو هيئة تدريس ومعيداً ومحاضراً، وتوسعت ميزانيتها خلال ثمانية أعوام لتصل إلى مليون ونصف المليون دينار، بالإضافة إلى زيادة مساحة حرمها الجامعي فصارت (1200) دونم.
وخلال هذه السنوات الثماني الأولى، أقيم على حرمها تسعة عشر مبنى جديداً بعضها مكون من ثلاثة طوابق، بالإضافة إلى أنها شهدت توسعاً في برامجها بتصميم برنامج لمنح درجة الماجستير في التربية.
وقد نصت القوانين الناظمة لها، منذ تأسيسها بأنّ على عضو هيئة التدريس أنّ يحصل على المؤهلات والخبرات وينشر البحوث بمجلات علمية، ما ضمن استقطابها لنخبة من أعضاء هيئة التدريس على المستوى العربي.
لقد نجحت الجامعة الأردنية، بتحقيق التفاعل الإيجابي المثمر بين فئات المجتمع وأوجدت أجواء فكرية للأدباء والعلماء ورفدت الدولة بالمهارات والاختصاصات التي تحتاجها، وحققت غاياتها، ملبية رؤى مؤسسها جلالة الملك الحسين بن طلال (طيب الله ثراه).
والجامعة الأردنية، بعد نحو 60 عاماً على تأسيسها، تضم اليوم عشرين كلية في حرمها الرئيسي، بالإضافة إلى عمادتي شؤون الطلبة والبحث العلمي، وخمس كليات في فرعها بالعقبة، وبلغ عدد خريجيها أكثر من مئتي ألف خريجٍ.