محمد يونس العبادي
جاء مقال جلالة الملك عبدالله الثاني، في السابع من كانون الأول عام 2002م، والمعنون بـ «الصوت الحقيقي للإسلام»، والمنشور في صحيفة الواشنطن بوست، من أوائل المقالات التي خاطبت الغرب وبصورة مبكرة لتوضح له مفاهيم الإسلام بصورتها الحقة.
فقد جاء نشر هذا المقال، آنذاك، في توقيتٍ هامٍ كان فيه الإسلام يعاني من محاولاتٍ من قبل البعض لتشويه صورته، ما استدعى أنّ يقوم الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني بدور تراكم على مدار عقدين ونجح في التأسيس لصورة ناصعة للإسلام، تتصدى لبعض المفاهيم الخاطئة التي حاول البعض في الغرب الترويج لها.
وما جاء في المقال الملكي، آنذاك، عبر باكراً عن إرهاصات صاغت خطاباً وسطياً معتدلاً، وأسست لدورٍ يوضح للعالم حقيقة الإسلام كدين محبة وتسامح.
وجاء في مقال جلالة الملك عبدالله الثاني: » من بين مسلمي العالم الذين يبلغ عددهم 2ر1 مليار نسمة، يشكل المتطرفون، بطبيعة الحال، أقلية ضئيلة، وقد اعتقد كثير من المسلمين على مر العقود أنهم يستطيعون تجاهلها لأنهم لا علاقة لهم بهذه الفئة الهامشية المجرمة، لكن أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 غيرت هذا النوع من التفكير، فالفكرة بأن أي شخص يمكن أن يستغل ديننا لإجازة قتل الأبرياء، أثارت حنق المسلمين في كل مكان، وحسب معرفتي، فان كل دولة مسلمة، وكل مركز للدراسات والعلوم الإسلامية وكل منظمة إسلامية رئيسية في الولايات المتحدة أدانت هجمات الحادي عشر من أيلول إدانة مطلقة. وقد فعلت ذلك، ليس من باب اللياقة الدبلوماسية وليس خوفا من الولايات المتحدة بل لان عقيدتنا تتطلب ذلك».
هذا الخطاب الملكي، بهذه المفردات، أسس لاحقاً للعديد من المبادرات، وبينها «رسالة عمّان» التي لا زالت محل اعتزازنا جميعاً، فهي رسالة جاءت كبيان للناس وفي ديار الإسلام وأرجاء العالم، في توقيتٍ هامٍ، حرص على إبراز الصورة الحقيقيّة المشرقة للإسلام ووقف التجني عليه ورد الهجمات عنه، بحكم المسؤوليّة الروحيّة والتاريخيّة الموروثة التي تحملها قيادتها الهاشميّة بشرعيّة موصولة بالمصطفى صلى الله عليه وسلم، صاحب الرّسالة، ويتمثّل هذا النهج في الجهود الحثيثة التي بذلها جلالة المغفور له بإذن الله تعالى الملك الحسين بن طلال طيّب الله ثراه على مدى خمسة عقود، وواصلها، من بعده، بعزم وتصميم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، منذ أن تسلّم الراية، خدمة للإسلام، وتعزيزاً لتضامن مليار ومائتي مليون مسلم يشكّلون خُمس المجتمع البشري، ودرءاً لتهميشهم أو عزلهم عن حركة المجتمع الإنساني، وتأكيداً لدورهم في بنــــاء الحضارة الإنسانيّة، والمشاركة في تقدمها في عصرنا الحاضر».
وهذه الرسالة أسست لخطابٍ أشمل، استطاع الأردن أنّ يكون بين أكثر المؤثرين فيه، ونجح في حماية صورة الإسلام الحقة والسمحة.
ثم جاءت مبادرة ' أسبوع الوئام العالمي بين الأديان' التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني في تشرين الأول من عام 2010 وتم تبنيها من قبل الأمم المتحدة صدىً عالمي يعبر عنه ملامح عدة، وهي مبادرة جاءت امتداداً لكلمة «سواء» والتي دعت إلى إيجاد أرضية مشتركة قائمة على وصيتين، حب الله، وحب الجار، وتفعيل الحوار الإسلامي المسيحي.
إنّ هذا الجهد الأردني، وهذا الخطاب الممتد لملوك بني هاشم، هو جزء من دورٍ ممتد للأردن في مئويته، وهو يعبر عن جانب مهم في العقدين الأخيرين نجح خلالها الأردن في التأسيس لخطاب معتدل باتت مفرداته اليوم هي الحاضرة في ذهنية مثقفي العالم ومعظم قادته حول الإسلام، بفضل جهود جلالة الملك عبدالله الثاني في إبراز قيم ديننا الحنيف الحقة.