عرفت هذا الشخص يوم علمني مقرر علم الاجتماع في السنة الثانوية الثانية في ثانوية حسن كامل الصباح في اربد 1962 وقد احببت موضوع هذا المقرر الذي يعنى بقضايا المجتمع وظواهره ومشكلاته بشكل عام، حتى تخصصت به وبفروعه وبحثت فيه ودرسته بشكل أو بآخر في اطار العمل الاجتماعي ومهننته، وجعله مهنة تساعد الانسان على التكيف فرديا وجماعيا ومجتمعيا، حتى انني قد تخصصت به بدءا بدرجة البكالوريوس وانتهاء بدرجة دكتوراه الدولة.
وتشاء الصدف أن انتقل الى العمل بوازرة التنمية الاجتماعية، وكان يعمل فيها بمركز متقدم، ثم احل مكانه عميدا لكلية الخدمة الاجتماعية، عندما اعير للأمم المتحدة خبيرا في تنمية المجتمعات المحلية، ونعاود الالتقاء وظيفيا عندما عين وزيرا للتنمية الاجتماعية في حكومة الدكتور عبد السلام المجالي، ويزورني في مكتبي ويعبر عن ارتياحه لوجوده في هذا المكان، مكان كلية الأميرة رحمة للخدمة الاجتماعية، ويطلع فيه على نشاطات غير روتينية، ويستمع الى أفكار غير تقليدية، والى شرح غير اعتيادي، في امور تتصل بقطاع التنمية الاجتماعية، الذي كان يوفد موظفيه بالقطاعين الرسمي والأهلي للتدرب في هذه الكلية.
لم يكن محمد الصقور انسانا محدود الطموح ولا موظفا قليل الامكانيات، وقد جد واجتهد وواصل دراساته العليا وابتكر طرائق لخدمة المواطن، وكان له دور اساسي في انشاء صندوق المعونة الوطنية، مع انه كان يتبنى الاتجاه التنموي في تطوير المجمعات المحلية ومساعدة الفئات الضعيفة. وقد بنيت على جهوده من خلال كلية الخدمة الاجتماعية في عقد اتفاقية مع المجلس الثقافي البريطاني، التي تضمنت ايفاد بعض المتخصصين في العمل الاجتماعي في بعثات أو دورات لمتابعة الدراسة او التأهيل وبمستويات أعلى مما قد وصلوه وظيفيا.
كان الصقور متحمسا للتنمية وتغيير الواقع، أمضى سنينا متنقلا بين مصر والسعودية واليمن، تاركا بصماته على برامج وخطط ومشروعات التنمية فيها.وقاد فريق دراسة الفقر في المجتمع الأردني. بعد ان انهى عمله الرسمي معلما وموظفا ومديرا وامينا عاما وخبيرا ووزيرا، انتقل ليعطي ما لديه من خبرة: عضوا في مجلس الاعيان وعضوا في مركز حقوق الانسان وعضوا في جمعية ابناء الجنوب، وكان واحد من الذين عملوا بجد لانجاز مشروع ديوان ابناء الطفيلة.
كان هذا الانسان نموذجا للعمل الجاد والاصرار على تحقيق الاهداف رغم مختلف المعوقات.. مثلما كانت رحلته اليومية من السلع الى جرف الدراويش عندما كان طالبا، لينتظر القطار متوجها الى عمان، ومن ثم الى دمشق، فقد كان احد اوائل ابناء الطفيلة الذين تلقوا تعليمهم الجامعي في دمشق، وعاد في مطلع الستينيات ليعلم في اربد وليكون واحدا من رسل التواصل بين الطفيلة واربد.
dfaisal77@hotmail.com
مواضيع ذات صلة