تطرح «المواطنة» بأبعادها ومعانيها أسئلة ومشاغل ذهنية واسعة، وهي تتوخى الحل ب «تنمية الاعتزاز الوطني»، وليس فقط بالانتماء، فمفهوم الانتماء أصلا مفهوم وراثي يولد مع الشخص من خلال ارتباطه بوالديه وبالأرض التي ولد فيها، اما اعتزاز الفرد بالانتماء لوطن، فيعني التزامه بدستوره وأنظمته وقوانينه، وتفاعله مع احتياجاته والتضحية من أجله.
إن الاعتزاز الوطني لا يملى على الناس بل ينمو معهم. فبالاعتزاز الوطني يشد المواطن الى الأسرة الكبيرة التي يتألف منها الوطن، فلا يحس بالاغتراب أو الابتعاد، وبهذا ينتقل الانسان من «المواطنة المجردة» إلى «المواطنة الحقة»، من خلال تحمل المسؤولية ذات المتطلبات والواجبات، في حين أن أداء المسؤولية لا يتم ولا يجدي الا بالحكمة والروية واليقظة.
وثمة ثلاثة واجبات للانسان المسؤول تجاه نفسه، تتمثل أولا في أن يعنى هذا الانسان بنفسه، وأن يتعلم كيف يتصرف مع الآخرين، وان يعمل من أجل الانسانية جميعها، أما الركن الثاني، فيتألف من ثلاثة جوانب، يتمثل الجانب البنائي منها بتنمية المعارف والمفاهيم والخبرات والاتجاهات السياسية، ويتمثل الجانب الوقائي بتجنب الوقوع بالانحراف، أما الجانب العلاجي فيتمثل بالتخلي عن الاتجاهات السلبية كالانعزالية والفردية والتردد. أما الركن الثالث فهو المرتكزات العملية على السلوك والضمير، وهما يتجليان في مشاركة الشباب في إنجازات المؤسسات الشبابية، والأنضباطية واحترام المواعيد والوقت، وتلقي تعليماتها وتنفيذها، وكذلك المحافظة على المصلحة العامة، ومحاولة الابداع في خلق تسهيلات جديدة أمام نشاطات الشباب دون استغلالها على نحو شخصي، واتخاذ الموضوعية كأساس للقرار واتباع العدالة والنزاهة، وعدم التشكيك بقدرات الآخرين أو الأطناب في مدح الذات أو التوهيم بقدرات غير موجودة، مع عدم تناول الأمور بالمنظار المادي فحسب.
وتتم تنمية الاعتزاز الوطني من خلال التربية الوطنية، التي تدرك الثوابت الوطنية الأردنية، وتتبنى ثقافة الإصلاح التي تبث من خلال التنمية السياسية وعن طريق الأحزاب وسائر منظمات المجتمع المدني، وتحترم قدسية الخط الأحمر لحدود المس بعزة الأردن ومنعته، وتركز على فهم الشباب تعميق منهج الوسطية في حياة الإنسان الأردني لتكون في مكونات شخصيته، وتصبح المواطنة الإطار الجامع لتفاعل المواطن مع وطنه ولعلاقة المواطنين فيما بينهم. وتسير وفق محددات المواطنة التي تتلخص بالمساواة في الحقوق والواجبات، واعلاء قيمة الحرية، وحمل الهوية الوطنية الواحدة، وإنجاز التنمية الشاملة في إطار العدالة وتكافؤ الفرص.
إن الاعتزاز الوطني يعيش وينمو في أجواء ديمقراطية يتولد فيها تفاعل بين نبض الشارع والسلطات الثلاث، يبدأ من الطفولة المبكرة ومجتمع الأسرة ومجتمع الرفاق، وينمو تدريجياً وينضج في نهاية المرحلة التربوية، بينما تنمي الجامعة التعددية التي تقوي هذا الاعتزاز الوطني، فيصبح فكر الطالب متعدداً، ومتجها إلى التعددية الحزبية.
dfaisal77@hotmail77.com
مواضيع ذات صلة