محمد يونس العبادي
لم يكن للأردن اذاعة مستقلة خاصة، حتى أواخر شهر نيسان من عام 1948، عندما اغتنم المسؤولون العرب في إذاعة الانتداب في فلسطين فرصة الاضطرابات السائدة في جهاز الحكومة على أثر انتهاء الانتداب في 15 ايار 1948م، فقاموا بمساعدة رجال الجيش العربي بنقل ما أمكن نقله من أجهزة الاذاعة في القدس الى رام الله.
وقد جرت عمليات نقل أجهزة الإرسال إلى رام الله، لتوافر الأمن نسبياً هناك، بعيداً عن القتال الدائر في القدس، بالإضافة إلى أنّ مدينة رام الله في ذلك الوقت كانت واقعة ضمن المنطقة التي قام الجيش العربي بالدفاع عنها في وجه العدوان الصهيوني.
وأصبحت الإذاعة تابعة للحكومة المركزية في عمّان وللحاكم العسكري العام في فلسطين، وبقيت الأمور على هذا المنوال حتى تم توحيد الضفتين رسمياً في 24 نيسان 1950م، فأصبحت الإذاعة تعرف من ذلك الحين بإذاعة المملكة الاردنية الهاشمية، وكانت تبث من رام الله آنذاك على موجة متوسطة طولها (443) متراً (20) كيلو وات.
وكانت الإذاعة الأردنية في رام الله، تعرف بالإذاعة الأردنية الهاشمية، إذ كانت تذكر العديد من الصحف الفلسطينية العديد من أنشطتها، وتنشر جدول برامجها.
ومثالاً: نشرت جريدة الصريح الصادرة بفلسطين في 29 نيسان 1950م، مادة صحافية حملت عنوان «دار الإذاعة الأردنية الهاشمية بين الأمس واليوم»، وتطرقت فيها إلى مدير الإذاعة آنذاك عجاج نويهض، وهو أحد القوميين العرب، من أصولٍ لبنانية، ووصفته في تلك الفترة بقولها «يشرف على دار الإذاعة رجل الإذاعة يخدم الملك والوطن».
كما أشارت ذات الصحيفة في عددها الصادر في 29 تموز 1950م، إلى فوز قصائد في مسابقة شعرية نظمتها الإذاعة الهاشمية، وبينها قصيدة للشاعر جوزيف جحا، وحصلت على المركز الأول، وحملت عنوان «إيه يا فجر تجلى يقظة تتجلى».
وفي اليوم الأول من أيلول 1956م، افتتح جلالة الملك الحسين إذاعة عمان، التي أخذت ثبت برامجها على موجة متوسطة طولها (207) أمتار وعلى موجة قصيرة طولها (49) متراً ثم أضيفت اليها بعد ذلك موجة قصيرة ثانية (6-41 ) متر؛ وكانت ثبت ساعة في الصباح وساعتين في المساء.
وفي الأول من أذار 1959م، افتتح جلالة الملك الحسين دار الإذاعة الجديدة (هنا عمان) إذاعة المملكة الاردنية الهاشمية، كما افتتح جلالته استوديوهات الإذاعة الجديدة في القدس بتاريخ 23 أب 1959م، وقد توقفت اذاعة القدس لاحقاً، بسبب حرب حزيران 1967.
وشملت الإذاعة في عقد الستينات، أقساماً عدة، بينها: قسم البرامج، وشمل الإنتاج والإعداد والبرامج الدينية والتنسيق، وله فروع: العلاقات العامة، المخرجون، المذيعات والمذيعون، الفرع الانجليزي، الفرع الاسباني الموجه، والموسيقى.
إضافة، إلى قسمٍ للإعداد، ضمن فروع البرامج الثقافية، المنوعات، والبرامج الخاصة، والتمثيليات، والمرأة والطفل؛ بالإضافة إلى قسم البرامج الدينية، ويقوم هذا القسم بمراقبة نصوص البرامج والمواد الدينية والاشراف على القطاع الديني في البرنامج العام، الذي يعني بتوجيه المستمع.
ووجد قسم المكتبة الموسيقية، وفرعا البرامج اليومية والنصوص والمكآفات.
وكانت هنالك دائرة للأخبار، مهامها: تحرير النشرات العربية والانجليزية والرصد اللاسلكي، وتعمل هذه الدائرة على جمع الاخبار وتحريرها ونقلها الى المواطنين وتعريفهم بنشاطات الدولة وسياستها في جميع المجالات، مع ابراز وجهة النظر القومية، والدعوة لخير الوطن في المقام الاول، سواء بين المواطنين او جمهرة المستمعين الآخرين اينما كانوا، الى جانب تعريف المستمعين بما يجري في هذا العالم من احداث والقاء الضوء على المشاكل والقضايا العالمية، وقسم الهندسة المعني بالاستوديوهات ومحطة الإرسال.
هذا بعض من تاريخ الإذاعة الأردنية، وتأسيسها، وهي مراحل صاغت إحدى أهم المدارس الإعلامية ليس في الأردن وحسب، بل وفي العالم العربي، لما أدته من دورٍ نادى بالعروبة وبالقومية، ونقل رسالة الأردن، ودافع عنها في كثير من المراحل التاريخية.