عبدالهادي راجي المجالي
موجة حر خانقة، وها أنا أرتمي على (كنباية) وأقلب المحطات، هنالك واحدة تعرض طريقة عمل (اللزانيا).. أنا أصلا لا أحب (اللزانيا)، أعشق (الغماس)، محطة أخرى تعرض عن حياة عبدالحليم حافظ.. وقد شاهدت فيلماً كاملاً مثله الراحل أحمد زكي، وتمنيت لو أني كنت عازف (طبلة) مع عبدالحليم..
هناك محطة تبث (لطميات) شيعية: (أخاف من اعوفك أبد ما أشوفك...)، تذكرت أن جدلاً أثير في الساحة مؤخراً حول زيارة المقامات في الجنوب، أحدهم قال: ليكن.. ولينشطوا السياحة.. والبعض الآخر حذر من يد إيرانية..
لدي رأي مهم في هذا السياق, الذين سيزورون المقامات, هم كائنات مثلنا.. بشر مثلنا لهم عيون وأنوف ولهم مشاعر، ولديهم قلوب.. وأحبة، تنتهي المشكلة إذا حددت الدولة الأعمار بمعنى أن كل من هو فوق (الستين) يحق له الزيارة... وتنتهي المشكلة إن حددت الدولة الأعداد.. وليطمئن بعض (المتباكين) الخائفين على الكرك... ليطمئنوا وليعرفوا أن الكرك فيها (زلمها)... لا تخافوا عليها، فهي لن تتشيع ولن تخترق ولن تبيع ولن تهادن..
الغريب أن الكل يدلي برأيه، ونسوا أهلنا الصرايرة والبرارشة والطراونة.. الذين عاشوا عمرهم بجانب المقامات، وحموها كما يحمي الأب طفله.. وظلوا على عهدهم مع جعفر الطيار..منذ ألف عام وأكثر، لم نخذل جعفر الطيار وهو لم يخذلنا.
الدولة لها سيادتها, ولها قراراتها... والدولة أظن أن عقلها, يمتلك من الحس الأمني ما يجعلنا نثق بقدرتها.. والدولة عليها أن لا تعيش تحت هواجس الخوف والقلق والتردد..
الغريب في بلادنا, أن الكل صار يقدم فتواه في المسائل السيادية, والكل صار خبيراً استراتيجياً في المليشيات... والبعض شبهنا باللقمة اللينة, مع أن المليشيات الإيرانية كانت على الحد الشمالي في الحرب السورية, ولم تتجرأ أن تقترب منا... ولم نقم بأي حالة اشتباك معها..
أنا أثق بأن لدينا أجهزة أمنية, قادرة على فهم المشهد جيداً, كونها تمتلك معلومات.. وخاضت صراعات مع الإرهاب وانتصرت عليه, وهي تعرف كيف تحصن البلد.. تعرف كيف تحصن الوجدان الأردني جيداً..
أعيد وأقول أن الكل صار يقدم فتواه, ونسوا أهل المكان.. أهل الكرك..
وما زلت أقلب القنوات, يوجد قناة تقدم برنامجاً عن عالم البحار... أعذروني أريد الغوص قليلاً.
[email protected]