كتاب

التماهي مع الحاضر وتكوين رؤيا للمستقبل

ليس الانسان المثقف، ذاك الذي يقبل على الاطلاع ويقرأ كتبا متنوعة باستمرار، ويتحدث عما قرأ أمام الآخرين، انما هو من يترجم جميع ما اطلع عليه بمطالعاته أو استماعه لأفكار العلماء والباحثين والأكاديميين والاعلاميين والسياسيين من أفكار،الى مواقف واتجاهات وقناعات، وبصورة انتقائية ايجابية مفيدة، ويترجمها الى سلوك وأفعال يطمئن لجدواها في تطوير حياته،وبذا فان الانسان غير المثقف هو من لا يسعى الى الاطلاع او الاستماع الى الأفكار البناءة ولا يكون لنفسه ومن نفسه مثل تلك الأفكار الايجابية البناءة، وبالتالي عجز عن تطبيقها ?فائدته وفائدة أسرته ومجتمعه.

وهناك مقولة مفادها أن السؤال المهم ليس عما تعرف، وانما هو «كيف نعرف؟» وهو سؤال يعبر عن الواقع الذي تتنازعه الأهواء والخبرات، وتتجاوزها الى قناعات وأحكام، فليس من المفيد أن نحصل على المعرفة، اياً كان مأتاها وبأي أسلوب، أو بتخزينها، ونتحدث بها او نكتب عنها، فمن الصائب انتقاء هذه المعرفة وتأملها،ثم ربطها بالواقع، لنتمكن من تكوين الرؤى والتخطيط للمستقبل، والاسهام في ترجمتها بصورة فعلية مفيدة.

وها هي طروحات المفكرين العرب المعاصرين، تساعد على استنارة العقول والتفكير، وتحدث اضافات جديدة للدراسات والمؤلفات، فضلا عن الاستفادة منها في وضع السياسات والخطط لاعادة بناء المجتمع وتطويره، بما يؤمن مستقبل الأجيال. غير أن ثمة تقصير بالاطلاع وبالأخذ من هذه الطروحات عند ترجمتها عمليا واحالتها الى واقع معاش، على المستويين الفردي والجماعي، كما ان الأوضاع السياسية والأمنية المختلة في عدد من الدول العربية، قد أثرت على حركة التاليف والنشر واللقاءات والحوارات والمؤتمرات. الا أن الجامعات تتيح الفرصة للساعين الى تنمي? المعرفة وتطوير المهارة في تخصص معين، وفي جانب أضيق من الموضوع، في مرحلة الماجستير والدكتوراه، بما تنطوي عليه من فرص البحث النظري والميداني، وبما يمكن من التوسع والتعمق.

أن التعليم بالمجمل والدراسة الجامعية على وجه الخصوص يفترض أن تقوم باعداد الجيل للحياة العملية، والاسهام في خدمة المجتمع وتطويره في المجال الذي اتم الشاب دراسته بالجامعة، وتبقى المسألة من حيث الفاعلية منوطة بالخريج نفسه أولا والجامعة التي تخرج منها ثانيا. أن العرب يتماهون مع الحاضر ويكونون رؤيا للمستقبل، ويسعون افرادا ومجتمعات لتطوير مهاراتهم، ويزيدون من اطلاعهم لتوضيح صورة المستقبل في الأذهان، والسعي اليه بطريق آمن، بموجب سياسات وخطط وبرامج، ولينظر الغرب الى جامعاته ليرى اعدادا غفيرة من شباب العالم تدخل جا?عات الغرب او تتخرج منها، وتعود الى وطنها لتسخر ما صلت عليه هناك في خدمة اهلها وبلدها. كما أن بلدان الغرب قاطبة فيها الكثير من الكفاءات والمؤهلات التي وفدت اليها من الوطن العربي، وبقيت فيها، وهي تقدم خبراتها ومهاراتها على نحو متميز وفريد.

dfaisal77@hotmail.com