د. زيد حمزة
قرأت في الاسبوع الماضي في صحيفة الغارديان البريطانية اكثر من مقال حول القانون الجديد للإصلاح الضريبي العالمي الذي قدمه الرئيس جو بايدن و يقضي بفرض ضريبة لا تقل عن ٢١٪ عَلى أرباح الاموال التي تجنيها مئات الشركات خصوصاً العملاقة منها مثل غوغل وفيسبوك وآبل ونايك وستاربك بالإضافة الى آلاف الأشخاص الاثرياء الذين أُسوةً بها يهرّبون اموالهم الطائلة الى الملاذات الآمنة حتى لا يدفعوا عنها ضرائب الدخل المستحقة في بلادهم، ويبدو من نصوص القانون ان اميركا تعرف عنها وعنهم جميعاً قدراً كبيراً من المعلومات وتعرف قيَم الا?وال بدقة حتى انها حسبت الحصيلة بما يصل الى٤٢٧ مليار دولار سنوياً! واللافت للنظر ان دولاً عديدة سارعت لرفض القانون منها بريطانيا ولها ملاذاتها الخاصة (!) وهي الان صاحبة قرارها المستقل عن السوق الاوروبية رغم ان الحيثيات التي قدم بها الرئيس بايدن قانونه كانت ايضاً اخلاقية ووضحت بأن الجباية العادلة سوف توفّر دعماً للدول الفقيرة يمكّنها على الاقل من شراء المطاعيم ضد الكورونا ويعوّض بعض خسائرها جراء الجائحة، كما ان تطبيق القانون سوف يجبر حكومات الاوف شور على احترام حقوق الشعوب الاخرى «المنهوبة» والدخول في حظيرة ?طبيق القوانين اسوةً بباقي حكومات العالم.
من المهم ان يعرف القارئ ايضاً ان الدول المعترضة تتذرع بمبادئ اقتصاد السوق التي تعتبر حرية رأس المال وليس سواه هو المبدأ المقدس الذي ينبغي احترامه والالتزام به! ولا يضيرها انها بذلك تغطي على سلوك القرصنة الذي تمارسه حكومات الاوف شور والمتعاملون معها، كما تبرره بانه منسجم مع اتفاقية التجارة العالمية التي نعرف جيداً انها تخضع عملياً لهيمنة البنوك الدولية الكبرى واولها الفيدرال ريزيرڤ وحاضنها البنك الدولي الذي قلنا مراراً ألا علاقة له البتة بمنظمة الامم المتحدة!
هنا وحتى نستفيد من دروس التاريخ ونتمنى الا تتكرر، لابد من التذكير بما فعله الرئيس السابق باراك اوباما عندما انفجرت الأزمة المالية الكبيرة عام ٢٠٠٨ التي كان من اهم اسبابها إغراق أسواق المال حول العالم بآلاف الشركات الافتراضية والوهمية للمتاجرة بالأموال والتي عرفت بعد افتضاحها «بالفقاعات» لأنها لم تخدم اي غرض منتج في بناء الاقتصادات الوطنية بل عملت بالمضاربة والمقامرة لتحقيق الأرباح فحسب، اذ بعد ان صب جام غضبه على البنوك ثم انتقد بشدة بذخ مجالس ادارتها والرواتب والمكافآت المرتفعة لمدرائها حد السفه، لم يلبث ا?» تراجع «وخضع لمطالبها فقام بخفض الضرائب المستحقة عليها كما دعمها بأموال ضخمة من خزينة الدولة اي من جيوب دافعي الضرائب كي تنهض بنفس الاقتصاد الذي كانت السبب في تدميره !! ونحن لا نريد لبايدن ان «يتراجع».
وبعد.. نرحب بجهود الرئيس بايدن ونحن ندرك حجم مقاومتها ليس من قبل كبار اللصوص في العالم المحتمين بقوانين الفساد في الملاذات بل حتى من داخل حزبه ومن المجمَّع الصناعي العسكري نفسه!