كتاب

عدم الركون إلى ما هو قديم

يحاول المجتمع–أي مجتمع- باستمرار الانتقال من حال إلى أفضل منه، يتوافق مع المستجدات، ويحاكي العصرية، لكي يتجنب التكلس والعجز والانكماش، لذا فانه يسعى الى حصر مشكلاته وتحديد معوقات سيره نحو الأحدث والأكثر تطورا من بين أساليب الحياة ومقتضاتها، وكذلك الالتفاف حول الصعوبات التي لا بد أن تواجهه، وتعجز إمكانياته عن الفعل بشكل قاطع ونهائي، وليصبح المجتمع متجاوبا مع ما يستجد من معطيات، مبقيا على النافع المفيد في بنائه، متخلصا من مصادر الضرر، واضعا تصوره للجديد الذي يستحسن أن يدخل في حياة المواطنين، اذ يحتاج الإنسان?إلى التحديث في حياته، وإدخال عناصر جديدة إلى هذه الحياة، وعدم الركون إلى ما هو قديم، وهو هذا الإنسان في كل مكان وزمان يرفض أن يبقى على قديمه، حتى ولو كان راضيا عنه، أو مرتاحا للتعايش معه، ليصبح عيشهم أكثر رغدا، ومحددا ما يجب التخلص منه أو الإقلاع عنه، اذ لم يعد صالحا للاستخدام أو التعايش في المجتمع المعاصر.

إن الإنسان دوما في حالة بحث دائم عن التقدم والكفاية، إذ هو لا يرغب أن يتساوى يوماه. يشكل هذا الإحساس عند الإنسان دوافع أساسية لحركة التاريخ، إذ إن الإنسان ليجد في التغيير قوة تتنامى وطاقة تتجدد،وهي بالتأكيد لفائدة الإنسان، وتشكل إضافة لإمكاناته، تسخر من جديد إليه، بطريقة لم يألفها من قبل، وتشكل اكتشافا جديدا بالنسبة إليه، كما في جسم الإنسان الذي تتجدد خلاياه لتعيد تأهيل جسمه، ليصبح أكثر قدرة على العيش والتواءم. يماثل الإنسان والمجتمع في ذلك عملية التقليم للأشجار التي تمكنها من استمرار الإثمار وتعززه، اذ أن?التحديث يزيد من حيوية نسيج المجتمع، وإذا لم يدخل التحديث على المجتمع، فان هذا المجتمع سيعاني من الإعاقة في بنيته، وسيواجه مجهولا لم يحسب له حسابا ولم يعد من أجله عدة من قبل.

لذا أصبح تقديم رؤى عصرية، أو رسم أطر مبتكرة، تحاصر سلبيات المتغيرات الحادثة، وتقود المجتمع في مضمار الأطروحات الثقافية محليا وعالميا، وفقا للنوايا المخلصة والأمينة على مصير المجتمع ومستقبله ضرورة وواجبا. اذ أن المجتمع أحوج ما يكون إلى أفكار جديدة ينتجها أبناؤه، تقدم الحلول وتضع الخيارات، وتوفر له بوصلة دالة إلى الصواب، وتتيح أمامه الفرصة لتحقيق نموه المتوازن ونهوضه المتكامل. ويأتي ذلك في اطار جهد مجدد، يمهد لإرساء تقاليد صالحة للحياة المعاصرة، تحرك الناس وتمد مجتمعهم بالحيوية، وفقا لنمو متوازن، يواجه التحد?ات، بمواصفات جديدة تناسب التغيرات التي تحدث باستمرار.

dfaisal77@hotmail.com