لكل منا حسابه الخاص على مواقع التواصل الاجتماعي وقد يمتلك بعضنا حسابات متنوعة بتنوع وسائل التواصل. ولمتابعة هذه الوسائل يحتاج منا الوقت والجهد البصري والفكري لمجاراتها، فنجد الغالبية أصبحت منهمكة في العالم الافتراضي بكل حماسها وحواسها مما انعكس سلباً على الحياة الطبيعية والاجتماعية، حيث يعاني كثير من الأشخاص من مشكلة «الهوس» في تصفح منصات التواصل الاجتماعي بشكل خاص والانترنت بشكل عام لدرجة أصبح الكثير يهمل واجباته اليومية والأسرية لقضاء ساعات طويلة على مواقع التواصل الاجتماعي.
وتعّرف الاخصائية سوزان خير «الصيام الإلكتروني» بأنه: التخلي عن مواقع التواصل الاجتماعي، والإنترنت، والتقنيات الحديثة لبعض الوقت أي الامتناع عن استخدام الانترنت لفترة من الزمن.
وتبين خير أن: الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت لها تأثير سلبي على علاقاتنا وترابطنا الاجتماعي، وحياتنا العملية، لذلك لابد هنا من ضرورة التخلص من الإفراط في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو الإنترنت، واستخدام ظاهرة ما يعرف بالصيام الإلكتروني أي تقليل ساعات استخدام مواقع التواصل الاجتماعي.
فوائد «الصيام الإلكتروني»
ومن فوائد «الصيام الإلكتروني» تشير خير إلى أنه: يساعد في الاستمتاع بالحياة، وتخفيض مستويات الإجهاد، والقلق، والتوتر، والشعور بالراحة النفسية، من خلال الابتعاد عن الطاقة السلبية التي تبثها مواقع التواصل الاجتماعي في أغلب الاحيان.
وتلفت إلى أن: «الصيام الإلكتروني« يعطينا فرصة أخرى من أجل العودة لحياتنا الطبيعية وممارسة هواياتنا التي نحبها، والجلوس مع الاسرة والاصدقاء بدلا من الجلوس لساعات طويلة على شاشات الهاتف المحمول من دون جدوى ولا نفع، وتنظيم أوقاتنا بالشكل الصحيح، بالإضافة أن التقليل من استخدام الأجهزة الذكية له فوائد كبيرة على تقوية الذاكرة والتركيز، وعدم التشتت الذهني.
وحول مضار الإدمان على مواقع التواصل الاجتماعي توضح خير أن: كثرة استخدام الفرد لوسائل التواصل الاجتماعي يتسبب في زيادة الشعور بالعصبيَّة، والتوتُّر، والقلق، واضطرابات النوم، بالإضافة إلى إهماله لهواياته وحياته الاسرية، وعلاقاته الاجتماعية، وعدم المقدرة على تكوين علاقات اجتماعية حقيقية.
وتضيف: إن كثرة الإفراط في استخدام التكنولوجيا يؤدي إلى ضعف أداء الشخص لأعماله بالشكل المطلوب وذلك بسبب الجلوس لفترات طويلة على الاجهزة الذكية مما يؤدي الى فقدانه التركيز بوظائفه وواجباته، وعدم قدرته على الانجاز والإبداع بصورة أفضل، كما أن الإدمان على منصات التواصل الاجتماعي يؤثر على الصحة.
وكشفت دراسة في جامعة ميلان في إيطاليا إلى أن: قضاء ساعات طويلة أمام الهاتف على وسائل التواصل لها تأثير ضار على صحة الجهاز المناعي للإنسان مما يتسبب في الإصابة بالأمراض.
وتشير مجلة (journal of school nursing) إلى أن: استخدام الإنترنت بشكل عام لأكثر من 14 ساعة يوميا قد يعرض الأشخاص إلى الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
وفي بحث أجرته جامعة كوبنهاجن: وجدوا أن ابتعاد الشخص عن «السوشيال ميديا» لمدة أسبوع يعزز استقراره النفسي ويصل به إلى نقطة اتزان في حياته ويخلصه من العديد من الصفات السيئة وعلى رأسها الحقد والحسد.
كما أظهرت أحدث الدراسات الأميركية بجامعة نيويورك التي أجريت على مستخدمي «فيسبوك» على وجه الخصوص أن 76% من المشاركين قاموا باستخدام الموقع أثناء المشي على القدمين، و40 % أثناء القيادة، و63% أثناء التحدث مع آخرين، وأكد الباحثون أن زيادة معدل استخدام مواقع التواصل يزيد من عدم التوازن بين النظام المعرفي والنظام السلوكي في المخ، وإن الإفراط في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي قد يتسبب في حدوث خلل بوظائف المخ.
وخلصت دراسة حديثة إلى أن: الاستخدام الكثير للإنترنت يغير من طريقة عمل دماغنا، بحيث تصبح الذاكرة ضعيفة والتركيز قليلاً.
وتبين نتائج هذه الدراسة، التي تمت بالشراكة بين جامعة ويسترن في سيدني وجامعة هارفرد والكلية الملكية في لندن وجامعة أوكسفورد وجامعة مانشستر، تم نشرها في النسخة الإنجليزية لمجلة «الطب النفسي العالمي»، وفق موقع «هايل براكسيس نت» الألماني، أن تصميم الإنترنت يغير بنية وقدرات العقل البشري، فالإنترنت يمكن أن يسبب تغيرات مزمنة وحادة في مجالات معينة من الإدراك وينعكس على تركيزنا وذاكرتنا وتفاعلنا الاجتماعي، وفق المشرفين على الدراسة.
وأظهرت نتائج الدراسة أيضا أن الاستخدام الكثير للإنترنت يؤثر فعليا على العديد من وظائف الدماغ، فعلى سبيل المثال فإن التدفق الكبير للدعوات والإشعارات الصادرة عن الإنترنت تجعل اهتماماتنا مشتتة باستمرار، ويضعف قدرتنا على التركيز على أمر واحد.
وعلاوة على ذلك يوفر لنا الإنترنت وبواسطة نقرة واحدة فقط، كماً هائلاً من المعلومات وفي أي وقت، وهو ما يغير طريقة تخزيننا وتقديرنا للمعلومات. كما جاء في موقع «هايل براكسيس نت».
أضرار الانترنت على الأطفال
وحذر المشرفون على هذه الدراسة من إهمال الأطفال للأنشطة الضرورية لنموهم، مثل العلاقات الاجتماعية والحركة وانشغالهم معظم الوقت بالأجهزة الذكية، واليوم هناك مجموعة من التطبيقات والبرامج المتاحة التي يمكن للآباء استخدامها تساعدهم على التحكم في الوقت الذي يقضيه أطفالهم مع الإنترنت أو هواتفهم الذكية.
و ينصح الخبراء الآباء بالتحدث باستمرار مع أطفالهم حول تأثير العالم الافتراضي عليهم لتفادي الأضرار التي قد تحدث لهم لاحقا، مثل الإدمان أو التنمر الالكتروني.
وللتقليل من الأضرار الناجمة عن الاستخدام المكثف للإنترنت ينصح الخبراء بضرورة تنمية الوعي الذاتي وتقليل الأنشطة على الإنترنت وبخاصة في المساء.