هو الإجراء الدستوري الذي تم قبل أيام في مجلس النواب المصري، حيث قام رئيس الجمهورية بتعيين ما مجموعه (28) نائبا في المجلس النيابي المنتخب، وذلك بالاستناد إلى صلاحياته المقررة في كل من الدستور وقانون مجلس النواب المصري. فالمادة (102) من الدستور المصري تنص صراحة على أن يتشكل مجلس النواب من عدد لا يقل عن أربعمئة وخمسين عضوا تم انتخابهم بالاقتراع العام السري المباشر، على أنه يجوز لرئيس الجمهورية أن يقوم بتعيين عدد من الأعضاء في مجلس النواب بنسبة لا تزيد عن (5%) من العدد الإجمالي للمجلس.
وقد انعكس هذا الحق الدستوري لرئيس الجمهورية على قانون مجلس النواب المصري رقم (46) لسنة 2014 الذي عالج في الفصل الثاني منه أحكام تعيين النواب، حيث اشترط في النواب المعينين أن يكون نصفهم على الأقل من النساء، وأن يتم اختيارهم من الخبراء وأصحاب الانجازات العلمية والعملية في المجالات المختلفة، وأن يكون هناك تمثيل للعمال والفلاحين والشباب والمسيحيين والأشخاص ذوي الإعاقة. فهذه الفئات قد اشترط الدستور المصري صراحة على أن يكون لهم تمثيل ملائم في أول مجلس نواب يتم انتخابه بعد وضع الدستور، وفي المجالس المتعاقبة لاحقا.
ويشترط في النائب «المعين» في مصر أن تتوافر فيه الشروط ذاتها اللازمة للترشح لعضوية مجلس النواب، وأن لا يعين عددا من الأشخاص من ذوي الانتماء الحزبي الواحد بشكل يؤدي إلى تغيير الأكثرية النيابية في المجلس، وأن لا يعين أحد أعضاء الحزب الذي كان ينتمي إليه رئيس الجمهورية قبل أن يتولى مهام منصبه، وأن لا يعين شخصا ترشح لخوض الانتخابات النيابية في الفصل التشريعي ذاته وخسرها.
وفيما يتعلق بالمركز القانوني للنائب «المعين» في مصر، فإن القانون قد نص صراحة أن يكون له ذات الحقوق وعليه ذات الواجبات المقررة للأعضاء المنتخبين في المجلس، على أن يكون قرار التعيين نافذا بعد نشره في الجريدة الرسمية.
يبقى التساؤل الأبرز حول مدى إمكانية الاستفادة من التجربة المصرية فيما يتعلق بتعيين النواب في الأردن، وبخاصة في ظل القيود التي فرضها الدستور المصري على رئيس الجمهورية عند ممارسة حقه في التعيين، أهمها مراعاة التمثيل الجندري والفئات الشبابية وذوي الإعاقة، بالإضافة إلى عدم ممارسة هذا الحق بشكل يخل بمكتسبات الأحزاب السياسية من المقاعد النيابية التي حصلت عليها في الانتخابات التشريعية.
إن ما لا شك فيه أن «التعيين» في المجلس النيابي يخل بمبدأ الفصل بين السلطات الذي تبناه الدستور الأردني كركن أساسي من أركان النظام النيابي البرلماني الكامل، هذا بالإضافة إلى تعارضه مع فكرة الحكومة البرلمانية التي يسعى الأردن إلى الوصول إليها. كما أن قانون الانتخاب الأردني قد حقق الهدف من «التعيين» من خلال الأخذ بنظام الكوتا النسائية والمقاعد النيابية المخصصة للتمثيل الديني والعرقي. وهذا الإجراء من شأنه أن يعزز من فكرة الديمقراطية النيابية بأنها تمثيلية تهدف إلى تمثيل جميع فئات المجتمع في المجلس النيابي.
وتبقى الدروس المستفادة من النظام المصري تتمثل بوجوب التوسع في المقاعد النيابية المخصصة في القانون الأردني لتشمل تخصيص مقاعد معينة لفئة الشباب وللأشخاص ذوي الإعاقة.
* أستاذ القانون الدستوري في كلية الحقوق في الجامعة الأردنية