د. عبدالرحمن امين البلبيسي
من حق المواطن الاردني ان يعلم مدى اعتماد الاردن على المنح الخارجية في موازنته و حجم تلك المنح و الدول التي تقدمها و حجم العجز في الموازنة و كيفية تغطيته بدقة و موضوعية حتى لا تتزعزع ثقة المواطن بوطنه و مؤسساته خصوصا في الظروف الاقتصادية الحرجة التي يمر بها الاردن و العالم و التحديات الاقليمية و وجود اكثر من مليون لاجئ على ارض الاردن ما جعل تقديم المنح امرا طبيعيا بل مطلوبا لقيام الاردن بدوره الاقليمي.
اذا ما نظرنا الى موازنة عام 2020* نجد ان حجم الانفاق المتوقع هو 9,6 مليار دينار و حجم الايرادات المتوقع هو 8,56 مليار دينار ( منها 0,8 مليار منح خارجية ) و بذلك تشكل المنح الخارجية حوالي 9% فقط من الايرادات و هو ليس اعتمادا كليا كما توضح الارقام . اما حجم العجز في الموازنة و البالغ حوالي 1,05 مليار دينار فهو يشكل ما نسبته 11% من نفقات الدولة فقط و يمكن تفادي جزء كبير منه ليس من خلال الغاء المشاريع التي يحتاجها الوطن بل من خلال ضبط النفقات و ترشيد المشتريات و العطاءات و ايجاد بدائل اقل كلفة و بنفس الجودة و المنفعة و حجب ايدي الفاسدين عن المال العام.
اما من حيث مصادر تلك الهبات فان ما تدفعه دول الخليج هو حوالي 120 مليون دينار اي ما نسبته 14.8% فقط من مجموع المنح الخارجية و اذا ما اضيف اليها مخرجات قمة مكة 70 مليون ( في حال وصلت بالكامل ) تصبح النسبة 23% , فيما تدفع الولايات المتحدة 538 مليون دينار ما نسبته 67% من المنح الخارجية , و الاتحاد الاوروبي 7%. و اذا ما قسنا مجموع الهبات الخليجية بحدها الاعلى الى اجمالي نفقات الدولة فانها تشكل ما نسبته 2% فقط لا غير ( اي 190 مليون من اصل 9,6 مليار دينار ) و بذلك لا يمكننا القول بان الاردن يعتمد في موازنته على المنح الخارجية و لا يمكننا القول ان جل المنح هي منح خليجية . كما لا يمكننا القول ان الاردن يستجدي الاموال من الدول الاخرى لتغطية العجز في الموازنة ( كما تناقل البعض مؤخرا ) لان تلك المنح جاءت تقديرا للدور الذي يلعبه الاردن في استقرار منطقة الشرق الاوسط و دوره في حفظ الامن و السلام و استقبال اللاجئين من الدول المجاورة مع ما يرافق ذلك من كلف مرتفعة تفوق قدرة الاردن , و هي منح غير مستحقة السداد و ليست قروض لذلك تم اضافتها الى الايرادات الداخلة الى الخزينة , و بعد ذلك يوجد لدينا عجز مقداره حوالي مليار دينار تقوم الحكومة بالاستدانة داخليا و خارجيا لسداده و تدفع فوائد للدائنين مقابل ذلك الدين .
و لا شك ان حجم الدين العام الذي اصبح يناهز 98% من الناتج المحلي الاجمالي قد اجتاز الحدود المقبولة و النسب المسموح بها في قانون الدين العام و لا بد للحكومة من ايجاد بدائل فعالة لمعالجة العجز في الموازنة و استخدام موازنة البرامج و الاداء للقضاء على الفساد المالي و تفعيل دور المؤسسات الرقابية و مكافحة الفساد , فأن سلم الوطن من الفساد سلمت الموازنة من العجز .
*المصدر : قانون رقم (4) لسنة 2020 قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2020