رأينا
أعفى جلالة الملك في توجيه حاسم للحكومة من أعباء الاشتباك مع تيارات متباينة بخصوص الموازنة بين الاعتبارات الصحية والاقتصادية المرتبطة بأزمة كورونا، ووضعها أمام المسؤولية للتحرك بجميع إمكانياتها وبغض النظر عن المصاعب المتوقعة من أجل عودة منضبطة للحياة الطبيعية تتطلب توجيهاً حكيماً وكفؤاً لكامل الإمكانيات المتاحة في المملكة، وكان التوجيه الملكي يوفر على مئات الآلاف من المتضررين متاعب الانتظار أمام حالة من التأني أمام التفاصيل وانتظار الأجواء المواتية وهو ما يعني المزيد من التكلفة.
تبدى في التوجيه الملكي العمق العسكري لجلالته وخبرته في العمل تحت الضغط وتوجيه الموارد بصورة متوازية والانتباه المبكر لأي مخاطر، أو بعبارة أخرى بناء الاستراتيجية التي تتيح الفرصة للتقدم والاستحواذ، ويبقى أمام الحكومة أن تتحرك قدماً على هذه الأرضية الصلبة وأن تسترشد بفكر جلالته لتخوض واحداً من أهم التحديات أمام الأردن، خاصة أن التوجيه الملكي يقوم على إتاحة أجواء التعاون بين مختلف المؤسسات، وهو ما سيمكن الحكومة من الاستفادة من إمكانيات الجيش العربي والأجهزة الأمنية ضمن رؤية معاصرة ومتقدمة للعمل الأمني أرساها ?لالة الملك من خلال تأكيده على دور هذه المؤسسات الوطنية في خدمة المواطن وتعزيز الاستقرار بوصفه رافعة للتقدم والبناء، وفي ظروف استثنائية مثل الأزمة الراهنة تظهر الفرصة لتفعيل هذه الرؤية جزءاً من المنعة للدولة الأردنية التي تدخل مئويتها الثانية بروح جديدة ومتوثبة.
خلال دقائق قليلة بدأ الأردنيون يتداولون التوجيه الملكي الذي أدى إلى ارتفاع الروح المعنوية وسادت حالة من الشعور الإيجابي في المملكة في لحظة وطنية جعلت جلالته يتحدث بنبض جميع الأردنيين ويقرر أن يضع دوره المرجعي لينتشل الحالة الأردنية ويخرجها من حالة جمود أخذ المواطنون ينتظرون الحسم تجاهها خاصة بعد تسطيح المنحنى الوبائي خلال الفترة الماضية، واكتشاف اللقاح ومن ثم وصوله إلى الأردن أخيراً ليباشر الأردن عملية التطعيم في مرحلة مبكرة قياساً بالعديد من الدول في العالم.
ستسهم التوجيهات الملكية بعودة متسارعة وحذرة للحياة الطبيعية وهو ما سيلقي بآثار ايجابية على مختلف القطاعات الاقتصادية وسيسهم في المحافظة على فرص العمل واستعادة الكثير من الفرص التي تأثرت سلباً خلال الجائحة، كما وستخفف الأسرة الأردنية ضغوطات هائلة ألقت بظلالها الثقيلة على الأطفال الذين يمثلون الأمل في المستقبل، وستشكل العودة إلى التعليم الوجاهي فرصة أخرى لتنشيط مجموعة من القطاعات، ولا يعني ذلك العودة عن الخبرات التي جناها الأردن في تجربة التعليم عن بعد، ولكن يزيد من خيارات الدولة الأردنية في مواجهة أي ظروف، ?ترتفع قدرة الأردن على التعامل مع المخاطر والتحديات ومواكبة الفرص وتعزيز المنجزات.
يثق الأردنيون والعالم بأسره بضمانة المرجعية الملكية وحكمتها وشجاعتها في اللحظات الحاسمة، والتوجيه الملكي الأبوي بالأمس يعزز هذه الثقة ويدفع للاعتزاز بها والالتفاف حولها.