بلال حسن التل
ماراثون الثقة الذي سيبدأ اليوم بمقدار ماهو استحقاق دستوري على الحكومة، فإن على السادة النواب أن يتذكروا أن ماراثون الثقة هذه المرة لن يكون لنيل حكومة الدكتور بشر الخصاونة ثقة البرلمان، بمقدار ماسيكون مارثون نيل النواب أنفسهم لثقة الشعب الأردني، وهذا يستدعي من النواب أداءً مختلفاً، يتسم بالهدوء والموضوعية والواقعية، وبالبحث عن الجوامع المشتركة مع الحكومة وسبل توظيفها لبناء الوطن وخدمة المواطن، من خلال تكامل أدوار السلطات الدستورية وتعاونها، بعيداً عن المناكفات التي سادت في فترات سابقة، فكانت سبب خسارتنا جمي?اً في هذا الوطن.
مع بدء ماراثون الثقة لا بد من التذكير بأن الدكتور بشر الخصاونة شكل حكومته في ظروف استثنائية، ومطلوب منها مهمات استثنائية، لذلك يجب التعامل معها بصورة استثنائية، مختلفة عن ماكان يجري في جلسات الثقة بالحكومات السابقة، حيث كانت هذه الجلسات تتحول إلى أسواق لشراء الشعبويات، ومنابر لاستعراض عضلات الحناجر لتأتي النتائج مخالفة لحرارة الخطب، على قاعدة (أوسعتهم شتماً وأودوا بالإبل)، وهو ما لا نريده في جلسات الثقة بحكومة الدكتور بشر الخصاونة، لأسباب كثيرة أولها أننا جميعا في هذا الوطن، وفي مقدمتنا الحكومة لا نملك ترف?الوقت، لنمضي جزءا منه بالمناكفات، وبالخطابة التي تقود مفرداتها في كثير من الأحيان أصحابها بدلا من أن يقودوها، فيسجلون على أنفسهم مواقف لا يستطيعون تجسيدها فيما بعد، متناسين مقولة: وكم من فتى صرعه لسانه، «وكم من كلمة قتلت صاحبها»، كما حدث مع الكثيرين من أعضاء مجالس نيابية سابقة، عرفوا بالصوت العالي وباللسان السليط، ثم لم يسجل لهم إنجاز نيابي.
ومثل أصحاب الصوت العالي كذلك النواب الذين كانوا يبالغون بالطلبات من الحكومات، وهم يعلمون علم اليقين أنها طلبات غير قابلة للتحقيق، لكنهم كانوا بطرحهم لها باحثين عن الشعبوية لدى قواعدهم، ولو كان ذلك من باب بيع وهم الشرب من «السراب الذي يحسبه الظمآن ماء»، وهو ما نرجو أن لا يتكرر في جلسات الثقة هذه المرة، وأن نتوقف عن أسلوب استعراض عضلات اللسان، وأول ذلك عدم الدخول في مسائل شخصية لأفراد طاقم الوزارة، كما حدث في مرات سابقة، لأن المطلوب الرقابة على الأداء، لا نشر الخصوصيات، التي لا تؤثر في الأداء الوظيفي.
ومثلما هو مطلوب التوقف عن استعراض عضلات اللسان، فمن باب أولى التوقف عن الطلبات التي يحتاج تنفيذها إلى إمكانيات مالية تفوق إمكانية وطننا، الذي يمر بظروف اقتصادية غاية في الصعوبة، مما يفرض علينا جميعا وفي مقدمتنا السلطتان التشريعية والتنفيذية التعاون لترتيب أولوياتنا الوطنية على ضوء إمكانياتنا المادية، على ان لا يكون ذلك مبرراً لبعض أعضاء الفريق الوزاري للتقاعس عن العمل بحجة قلة الإمكانيات، لأن ما يعوض قلة الإمكانيات هو حُسن إدارتها.
[email protected]