رأينا
يدخل العالم مرحلة جديدة تحمل تحديات مختلفة، وتكتسب هذه المرحلة أهمية كبرى لأنها تشكل في الوقت ذاته مفتتحًا لعصر جديد توافق العالم أن يصفه بعصر ما بعد كورونا، وعلى الرغم من أن الوباء ما زال يراوح دون أن يطوي الفصل الأخير من قصته، إلا أن التفكير في الأثر الذي سيخلفه وراءه أصبح موضوعاً شاغلاً على المستوى السياسي في العالم، ولذلك نشطت آليات التعاون العربي بين التشاور والتنسق ومحاولة مأسسة العمل العربي المشترك وتبقى العلاقات الأردنية - البحرينية محوراً مهماً لدى البلدين، وأحد النماذج القليلة للتمسك بمبادئ الأخوة وثوابتها، فالمتابع لتاريخ العلاقات بين البلدين، ومحطاتها المختلفة يدرك عمق التحالف الأردني - البحريني واستناده على قيم كثيرة مشتركة تتمازج فيها الأصالة مع المعاصرة وتترافق وتتوازى مع الإيمان بجدارة الشعوب العربية ورسالتها إلى العالم.
هذه الأجواء جميعها حضرت في لقاء جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين وشقيقه جلالة الملك حمد بن عيسى ملك البحرين في زيارة ملكية تواصل البناء على بناء تصورات عربية مشتركة يمكن ترجمتها إلى تحالفات تستطيع أن تعبر عن المجموعة العربية بصورة منفتحة وعقلانية ومتزنة تسعى لنصرة قضايا الأمتين العربية والإسلامية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والدفع قدماً بمسيرة العمل العربي المشترك والإسهام في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي لتأهيل المنطقة العربية لمرحلة من البناء تستطيع من خلالها أن تقدم دوراً متحضراً وفاعلاً في علاقة ايجابية بين الشرق والغرب يقوم على استراتيجية تدعم الأمن والسلام والاستقرار.
حضرت في القمة الملكية تحديات جائحة كورونا التي ما زالت تداعياتها الاقتصادية تتفاعل، وللبلدين تجربة تستحق المتابعة والقراءة وتبادل الخبرات والتعاون من أجل التخفيف من الآثار الإنسانية والاقتصادية المتعلقة بالظروف الوبائية التي أدت إلى عرقلة العديد من الجهود التنموية التي تتطلع كل من الأردن والبحرين إلى استئنافها بوصفهما دولتين فتيتين تعملان سويةً على استثمار ثرواتهما البشرية في المرحلة المقبلة، وتمكين شبابهما من التقدم في مواقع المشاركة والمسؤولية.
يتوافق الأردن مع البحرين في الرأي بخصوص كثير من الملفات السياسية الإقليمية والدولية، إلا أن إدامة التنسيق والتشاور يبقى أحد المحاور الرئيسية التي تضفي على العمل العربي الاستمرارية المطلوبة وتخرج بمواقف مشتركة تكتسب الصدى المطلوب في العديد من المحافل الدولية استثماراً للعلاقات الطيبة التي تأسست للبلدين مع مختلف الدول الكبرى والمؤثرة وفي إطار الأوساط الدولية الساعية لتأسيس حقبة جديدة من التعاون الدولي التي تنزع أسباب التوتر خاصة أن العالم يواجه تحديات جسيمة ويتوجب عليه تقديم العديد من الإجابات التي أنتجتها محنة وباء كورونا وأصابت بالقلق المجتمع الإنساني بأسره وجعلته يتطلع لقيادة شجاعة ومخلصة متجردة عن المصالح الضيقة والأهواء من أجل أن تحمل صوته بعيداً، وهو ما يحمله جلالة الملك ومعه ملك البحرين الشقيق على عاتقهما ويعتبرانه في مقدمة أولوياتهما.