تتصدى القيادات العالمية لمجموعة من التحديات الوشيكة التي من شأنها أن تغير وجه العالم وطرق العيش السائدة بين البشر، وبات واضحًا أن جائحة كورونا وما أثارته من تخوفات وأسئلة حول القيم السائدة على المستويين السياسي والاقتصادي في مختلف أنحاء العالم تعتبر نقطة تحول رئيسية لدرجة تؤشر إلى أن المؤرخين في المستقبل يمكنهم أن يستخدموا أوصافاً مثل عالم ما قبل كورونا وما بعدها، ووسط حراك نشط عالمياً يجمع الشخصيات السياسية والاقتصادية تظهر شخصية الملك بوصفها تعبيرًا عن رؤية حكيمة تسعى لاستخلاص أفضل التقاليد المستقرة واعتناق الآفاق المفتوحة أمام إنسانية أكثر انفتاحًا وايجابية وشجاعة في التعامل مع القضايا الملحة التي تواجه الإنسان في كل مكان.
أعطت مشاركة الملك في منتدى بلومبيرغ للاقتصاد الجديد زخماً للمنتدى الذي يجمع بجانب القادة السياسيين مجموعة من قادة ورواد الأعمال المؤثرين على المستوى العالمي في دورة توجهت إلى تعزيز التعاون لتحصين نظم الاقتصاد العالمي، خاصة في مواجهة تداعيات وباء كورونا، وخاطب الملك المشاركين في المؤتمر معبراً عن نزعة جديدة يقودها في السياسة العالمية ويتعاون لتحقيقها مع نخبة من القادة العالميين المؤمنين بضرورة التغيير من أجل الإرساء لعالم أكثر استدامة، وأتت كلمة الملك لتعبر عن تطلعات وطموحات قطاع عريض من البشر في مختلف أنحاء العالم ممن يعيشون مخاوف متصاعدة من العولمة والتحول التقني، مشدداً على دعوته لتحسين وإعادة ضبط العولمة، والاستفادة من الدروس التي تعلمتها البشرية في تجربة كورونا.
أكد الملك على أن سلوك الأنانية في العلاقات الدولية لا يمكن أن يكون منهجًا منتجًا خاصة أن الوباء لم يميز بين دولة وأخرى، وأن الانعزال والانكفاء على الذات لم يأتيا بأي نتيجة على مستوى مواجهة الوباء، وأكد على حاجة الدول والمجتمعات للتعاون والتكامل، وخاصة في مجال تحسين الوصول للخدمات الصحية، وتعزيز الأمن الغذائي، وتشجيع الابتكار لتحفيز التعافي، وأوضح جلالته الدور الذي يمكن أن يؤديه الأردن ضمن منظومة عالمية مسؤولة ومخلصة ومتكاتفة في مواجهة الوباء، وتأسيس حقبة جديدة من التعاون الدولي الذي يعود بالفائدة على العالم.
وفي خطوة للقيادة بالمثل والتعامل مع الأهداف المرحلية التي تخدم الغاية الأسمى، وجه جلالته الدعوة إلى التعاون من خلال التوزيع الفعال للقاحات والعلاجات التي يجب أن يتم التعامل معها كسلعة عامة ومتاحة للجميع، مؤكداً على ضرورة نجاح العالم في الاختبار الأخلاقي الذي يحتم ألا يستثني اللقاح والعلاج المجتمعات المعرضة للخطر مثل اللاجئين والأسر تحت خط الفقر، وبجانب الصناعات الدوائية الأردنية التي تستطيع المساهمة، يطرح الملك استعداد الأردن للمشاركة في توزيع اللقاح استغلالاً لموقعه المتوسط في العالم.
يتقدم الملك بمنهج قيادي جديد يقدم وجهًا مشرقًا للأردن أمام العالم وتمكنه من بناء تحالفات جديدة تتناسب مع قيمه وتقاليده الوطنية والقومية والإنسانية، وهو المنهج الذي يمتد تأثيره على مستوى النخبة العالمية وبين أوساط واسعة من المهتمين من المؤسسات والأفراد.