رأينا
مجدداً، يعيد جلالة الملك تأكيد أبرز المبادئ التي تستند إليها الدولة الأردنية، وهي تشارف على الاحتفاء بمئويتها، وهي المبادئ التي ميزت الأردن وجعلته نموذجاً دولياً وإنسانياً.
في الاتصالين اللذين تلقاهما جلالته أمس من رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، شدد جلالته على مسألتين انشغل بهما الأردن، وينشغل بهما دوماً، في تأطير علاقاته مع العالم، وهما تعزيز الوئام والمحبة واحترام الآخر، ونبذ خطاب الكراهية.
وهذان المبدآن الفاعلان في جميع خطابات الملك إلى العالم، يستندان إلى إرث تاريخي وحضاري ثمين وقيِّم، عبر 14 قرنا من الزمن، منذ انطلاق رسالة الإسلام على يدي الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام، لتتواصل مبادئ هذا الدين، حتى تصل إلى حفيد الرسول الأعظم، وعميد البيت الهاشمي.
فجلالته يعي حجم هذا الإرث الذي حمله الهاشميون ويحملونه، المستمد من جوهر عقيدة الإسلام. وهو يعي كيف انتشر الإسلام في أرجاء العالم وكيف كان أسلوب الدعوة إلى الإسلام هو ما جعل الناس يعتنقونه.. «أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن»، «وإنك لعلى خلق عظيم»، و«لا إكراه في الدين»، و«أعرض عن الجاهلين»..
ولأن الأديان جميعا تدعو إلى التسامح وإلى المحبة والسلام، ولأن الإسلام يحمل هذه الثوابت ويشدد على ممارستها أفعالا على الأرض.. لذلك كان الأردن سابقاً ومتقدماً على الكثير من دول العالم في مواجهة الإرهاب، الذي أعلن جلالة الملك مراراً أنه لا دين له، بل هو يناقض روح الإسلام وسائر الرسالات السماوية.
ولم يقف جلالته على مجرد الإعلان والتصريح بضرورة مكافحة الإرهاب واجتثاثه من جذوره، بل جعله عنصراً أساسياً في سياسة الأردن الخارجية، مثلما وقف في وجهه في الداخل وواجهه وفق منهج شمولي، لم يقتصر على القوة، وإنما واجهه كذلك بالعقل والمنطق والحجة والبرهان.
وما رسالة عمّان، و«اجتماعات العقبة» وغيرها الكثير من المبادرات الفكرية إلا دليل واضح على بعد أفق جلالته ومجاهدته حق الجهاد لإبراز الصورة الحقيقية للدين الإسلامي الحنيف الذي يتناقض مع الإرهاب.
وتركيز جلالة الملك على نبذ خطاب الكراهية في العالم، ينبع من قناعة أكيدة عنده أن هذا الخطاب يغذي الإرهاب ويحول دون الانفتاح بين البشر على بعضهم والتواصل المستند إلى تقبل الآخر واحترامه.
هذا الوضوح في الرؤية، والثبات على الرأي، وهذا الجهد غير المنقطع والهمة التي لا تلين مهما ادلهمّت الخطوب وأظلمت الآفاق، هما ما يميزان جلالة الملك ويؤهلانه ليحمل الصوت العربي والإسلامي النقي إلى العالم بثقة ووعي واقتدار.