ان الأمن في القرآن الكريم معنى كلي شامل لا يقبل التبعيض والتجزئة فالناس اما ان ينعموا به واما ان يُسلبوه وشأنها كسائر النعم مداولتها بين العطاء والمنع والاكرام والسلب.
الامن هو شعور الانسان فرداً او جماعة في الوطن وخارجه بطمأنينة الحياة والعيش وانتفاء اسباب الخوف.
يقول تعالى (الذى أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف) ويقول تعالى (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا) (وإذ قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا) (وقال ادخلوا مصر ان شاء الله آمنين) (سيروا فيها ليالي وأياماً آمنين).
يقول الماوردي (اعلم ان ما تصلح به الدنيا حتى تصير أحوالها منتظمة وأمورها ملتئمة ستة اشياء (دين متّبع، وسلطان قاهر، وعدل شامل، وأمن، وخصب دار، وامل فسيح).
ويشرح فيقول (أمن عام تطمئن اليه النفوس وتتيسر به الهمم ويسكن فيه البريء، ويأنس فيه الضعيف، فليس لخائف راحة ولا لحاذر طمأنينة فالأمن هنا اعيش والعدل اقوى جيش. فالأمن والعافية قاعدتا النعم كلها وينتظم ذلك بحفظ الامن الديني والفكري والنفسي والاجتماعي والاسري بالحفظ المعنوي لأمن المجتمع والحفظ المادي ويراد به أمن المعاش اي الأمن على كفاية الانسان في مأكله ومشربه ومسكنه، من امن غذائي او اقتصادي (وجعلنا لكم فيها معايش) وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (اللهم إني اعوذ بك من الكفر والفقر) ويقول صلى الله عليه وسلم (من اصبح آمنا في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه فقد حيزت له الدنيا).
يقول الأمام الجويني (اما الدولة فهي مكلفة بأمن المعاش بتوفير اسبابه وتسهيل وسائله والبحث عن موارده واستثمار موارده وتوزيع ريعه بالعدل على العاملين ومن واجباتها العناية بالفئات المحرومة فالدنيا بحذافيرها لا تعدل تضرر فقير) ويجب على الدولة توفير الأمن للعاملين والكادحين في الطرقات والاسفار من اللصوص وقطاع الطرق (لان الخوف يقبض الناس عن مصالحهم ويحجزهم عن تصرفهم فالأمن والعافية قاعدتا النعم كلها كذلك حفظ الامن الداخلي فتقل الجرائم ويتحرك الناس ويتبادلون المنافع، فلا قيمة للأمن فقط دون عيش كريم، ولا قيمة لعيش دون أمن.
إن معادلة الأمن وحدها لا تكفي اذ لا بد من توفر الحد الادنى من الرزق اساسيات استتباب الأمن لنشر الفضيلة والقضاء على الرذيلة وسد ابواب الشر وفتح ابواب الخير وتعظيم اسس التكافل والتراحم هكذا يكون المجتمع عوناً للدولة والدولة عونا للمجتمع فرجل الامن هو ابننا واخونا، والمواطن كذلك فلسنا اعداء إنما نتعاون في اجتثاث عناصر الشر التى لا يخلو منها اي مجتمع مهما كان، لقد صيغت النظرية الاسلامية في الاقتصاد على اساس حد الكفاية وليس حد الكفاف وهناك فرق بينها.
