رأينا
انتابت مشاعر الاستياء والصدمة المجتمع الأردني بعد تناقل الأخبار حول الاعتداء البربري الذي اقترفه معتادو الإجرام في حق أحد الأطفال في مدينة الزرقاء، وتعالت المطالبات والمناشدات بتدخل رسمي يعيد إشاعة الطمأنينة بين المواطنين، وقبل أن تتفاعل هذه الحالة لحدودها القصوى وجد الأردنيون استجابة ملكية وجهت بمعالجة الطفل بصورة فورية، وتوجيهاً آخر بضبط الجناة الذي لم يتأخر تنفيذه بواسطة الأجهزة الأمنية، وهو الأمر الذي رفع منسوب التطلعات الشعبية ليتحول إلى دعوة لاستعادة الشارع الأردني من بعض الظواهر السلبية التي استغلت ?عض أوجه الخلل في تطبيق الفلسفة الأمنية الأردنية واستفادت بصورة ملتوية من أجواء الاحترام القائم بين الأمن والمواطنين.
هي غضبة ملكية ستترجم نفسها في توجيهات واضحة ومباشرة بالقضاء على هذه الظواهر، ومتابعة يمكن أن تحدث تحولاً مهماً في المعالجة الأمنية، مع يقظة مستمرة لتجنب تحول ذلك إلى غير الغاية التي يريدها الملك من استعادة للطمأنينة بين الأردنيين.
تناسى المجرمون الذين قاموا بالتنكيل والتمثيل بطفل لا حول له ولا قوة أن الأردن في عهدة ملك ينتمي إلى أسرة بقيت قروناً من الزمن ملاذاً للباحثين عن الأمن والسلام، وأن الملك ابن لمؤسسة عسكرية استقرت نصرة المظلوم في عقيدتها وممارستها، وبينما تحاول الأجهزة قراءة المشهد كان التحرك الملكي يعطي مجموعة من الرسائل التي يمكن توجيه النصيحة بالتقاطها بحرص من قبل الأجهزة المعنية.
كثيراً ما يميل الملك إلى التسامح لتقديره مدى الضغوط التي يتعرض لها المواطنون، وفي مرات كثيرة تحدث بصراحة وأريحية عن بعض القضايا التي يتداولها الأردنيون في مجالسهم، ويعرف أن ما يحدث في الأردن شبيه بما يحدث في جميع دول العالم تقريبا، فالمدينة الفاضلة موجودة في أحلام الفلاسفة ولم تكن يوماً مشروعاً واقعياً، ولكن يوجد خيط رفيع ليس لأحد أن يمسه، ولدى الملك هو أمن الوطن والمواطن.
تتفاعل ردود الفعل الشعبية حول عملية القبض على المعتدي الرئيسي، فالتوجيهات الملكية بوضع كافة الإمكانيات المتاحة لمعالجة المواطنين أو اجلائهم من مناطق الأزمات أصبحت جزءاً من التقاليد الراسخة التي تشمل الأردنيين والعرب كما كان الحال في اجلاء الموجة الأولى من مدينة ووهان الصينية أثناء بدايات تفشي وباء كورونا، أما التوجيهات للأجهزة التنفيذية والأمنية والتدخل الملكي بهذه الصورة فمسألة ذات بعد سياسي، والملك الذي يضمن عدم تعسف الأجهزة الأمنية في سلطاتها، يضمن في المقابل منحها الثقة اللازمة لتطهير الأردن من الظواهر?الإجرامية بوصفه ملكاً وقبل ذلك أباً وقبل أي شيء آخر هو مواطن من أبناء الأردن الذين يعرفون ويؤمنون بأن وصف الأبناء بفلذة الكبد ليس مجازاً ولكنه مستقبل وطن وشعب.