انني لا احبذ ان ادخل في التجاذبات الناتجة عن التحرك الحكومي تحت عنوان رفع كفاءة التحصيل الضريبي والتي كما اسلفت سابقا قد قطرت ورائها مكافحة الفساد لاصطدامها بملفات أجبرت الحكومة على تقديمها للقضاء وانني أرى ان الاشتباك الداخلي والنخبوي كان يجب ان يأخذ بعين الاعتبار دائما مصلحة الوطن العليا والتي ترفض رفضا قاطعا الشعبوية التي تحول القضايا الإجرائية الى الشارع فالشعبوية بوجهيها مرفوضة رفضا قاطعا لأنها الطريق الأقصر لتبديد مكتسبات الإصلاح الشامل.
اقصد هنا وبكل وضوح التجاذب الحاصل بين الحكومة كجسم تنفيذي ورئاسة مجلس النواب والتي حولت بشكل مقصود او غير مقصود الأداء الاجرائي لتعطيه صبغة كانه صراع بين السلطات والزج بالجسم القضائي في اطار التبادل غير الموضوعي للاتهامات هو أيضا مؤشر على ان هناك من لا يقرأ جوهر الاستراتيجية الملكية للتمكين والإصلاح فعندما يكون هناك اشتباك يجب الارتكاز الى حكمة جلالته في العلاج ولا اقصد هنا الزج بالديوان في ذلك الصراع انما اقصد وبكل وضوح ما حدده جلالة الملك من خلال أوراقه النقاشية ولقاءاته ومقالاته وخطاباته التي ارتكزت على ان لا احد فوق القانون والعدالة المطلقة دون أي اعتبارات لأي مرجعيات ثانوية قبلية او رسمية والجانب الآخر أوضح جلالته دائما بان لا توظف أدوات الجسم التنفيذي أي الحكومة من اجل تصفية حسابات سياسية او اغتيال شخصيات وطنية او نخبوية فالأساس المضي بالمعادلة ضمن اطار هذا التوازن.
وان كل من يدعوا بشكل مباشر او غير مباشر لتوظيف الشارع فانه يدلل على مدى اغتراب تلك الشخصيات عن مفهوم الإصلاح الشامل والديمقراطي والذي يؤدي بالضرورة الى ضرب الاستقرار والوئام المجتمعي ويعيدنا الى مفهوم المحاصصة والنحنوية البغيضة والتي هي احدى اشكال تجلي مفهوم الشعبوية بوجهيها مقيتة زلزلت دول كانت تنعم باستقرار سياسي مشهود له واقتنصت وبددت مكتسبات تلك الدول والامثلة على ذلك واضحة كل الوضوح ولا تستدعي الذكر. ان الاحتكام الى حنكة وحكمة جلالة الملك في العلاج تعني الطريق الاسلم لأيجاد توازن حقيقي بين متطلبات النزاهة وكفاءة التحصيل الضريبي وبين التوظيف السياسي لتلك الإجراءات رغم انني على قناعة مطلقة بانه لا يوجد هناك قرار مسبق في استهداف هذه الجهة او تلك والحقائق والوقائع تثبت ذلك.
انني ومن خلال حرصي على مصلحة الوطن العليا لا اناشد فقط الأطراف انما ادعوها وبشكل حازم وصارم وقف التجييش والخطاب الشعبوي ووقف التسريبات من هنا وهناك والتعامل مع كل تلك الملفات من خلال الارتكاز على منظور الإصلاح والسياسي والاقتصادي والإداري والذي ترجمه جلالة الملك بذلك التوازن الدقيق ما بين متطلبات المرحلة وادواتها والاستحقاقات المترتبة على نتائجها بالوقف الفوري لهذا الخطاب فالأخطار المحدقة والمحيطة بالوطن هائلة وكبيرة وضخمة ونحن خلال تلك الملهاة يعيد العدو الصهيوني بقرار من المحكمة اغلاق مصلى باب الرحمة والذي خضنا نحن والاخوة الفلسطينيين معركة طاحنة اوقفنا خلالها البوابات الالكترونية واعدنا فتح مصلى باب الرحمة رغم انف الاحتلال وكان موقف الوقف الأردني مشرفا وتعرضنا لكل اشكال القمع ولكننا بصمودنا اجهضنا ذلك المشروع الذي أعاد فتحه الاحتلال دون أي ضجة تذكر فألى اين نحن ذاهبون اذا ما استمرت الملهاة وقرر الكيان الصهيوني تنفيذ مشروع الضم فعلى الجميع نبذ ورفض الخطاب الشعبوي وتوظيف الشارع وتجيشه فنحن كلنا في هذا الوطن لن نسمح بأن يتسرب من خلال ذلك أي مس أو توظيف خارجي لا سمح الله يستهدف جبهتنا الداخلية عودوا الى حكمة جوهرة التوازن الى حكيم الخطاب الإنساني وإلى قائد المسيرة للتعرف إلى أنجع السبل في علاج كل المعضلات حمى الله الوطن ومليكة المفدى.
مواضيع ذات صلة