رأينا
عندما أطلق الملك وصف أهل العزم في بداية الألفية ليجعله شعارًا وطنيًا جامعًا كان يعرف من خلال تأمله لتاريخ الأردن أن قوة الوطن ومنعته الحقيقية تقف على هذه الأرضية من الإصرار والعزيمة والإخلاص والوفاء الذي يحمله الأردنيون في نفوسهم، وأن هذه الروح حتى لو تكن هي السائدة وسط عواصف التحولات التي يشهدها العالم، والكم الهائل من الحيرة والتشتت الذي تلقيه على نفوس، إلا أنها هي الروح الأصيلة التي تظهر في أوقات الشدة والاضطراب، هي الروح الحقيقية بكل ما تحمله من شمم وإباء، هي الروح التي جعلت الأردن يصمد ويزدهر في أوقات صعبة، وهي الروح التي تشكل جوهر العقد الاجتماعي قبل أية تفاصيل وفوق أي اعتبارات.
بهذه الروح خاطب الملك جمعًا من خيرة أبناء الأردن من الأعضاء المدنيين والعسكريين في خلية الأزمة التي تمكنت تحت قيادته الحكيمة من العبور بالأردن سالمًا معافًا في خضم أزمة مكافحة فيروس الكوفيد 19، ومع كل ما تقوله الأرقام إلا أن الأردن يخرج من الأزمة أقوى وأكثر تماسكًا على المستوى الاجتماعي مستندًا إلى ما تحقق من منجزات عززت الثقة في المؤسسات الوطنية، واليوم يستنهض الملك روح العزم لتكون رافعةً للأردن كله أمام فرصة التقدم إلى موقع القوة الإقليمية في الإقليم في القطاع الطبي والصناعات الدوائية وفي مجال الأمن الغذائي.
هذه الرسالة المعنوية حملت الكثير من الإنصاف تجاه الرجال الذين وقفوا حول الملك وولي العهد في الأسابيع الماضية، وكانوا يتدافعون للعمل والإنجاز على مدار الساعة، ويتخذون موقعاً بعيداً عن الأضواء قانعين بما قدموه للوطن، وهذه الروح هي التي يؤكد الملك على الحاجة لها بعد تراجع مخاطر الجائحة، ويعلن للأردنيين ضرورة أن يتمسكوا بها، وأن يمارسوا الثقة بالذات إلى أقصى حدودها، ليقدموا للعالم مزيداً من التميز والإبداع.
يحذر الملك من التراخي، ليس لأن الأزمة لم تنحسر بالكامل وحسب، ولكن لأن فرصًا كثيرةً أمام الأردنيين عليهم أن يقتنصوها، وأن يحسنوا استغلال ما قدموه من نموذج وصنعوه من انجاز، ولأن الكثير من المتربصين في الأردن ممن كانوا يشككون في بنيته ومؤسساته وجدارته بموقع إقليمي مرموق ومتقدم سيسعون لبث روح التراخي وسيعملون على إيقاظ الشياطين من أي تفاصيل ممكنة، فالرد الحقيقي يكون بمزيد من العمل والعطاء بما يفوت فرصة على المخرصين فرصة الالتفات التي يحتاجونها من أجل ممارسة التشويش والتشتيت تحت طائلة النقد والمراجعة، فالملك يعتبر النقد البناء جزءًا من منهجه ويتيح كثيرًا من الفرص للاجتماع بقادة المجتمع والرأي والفكر ليستمع ويناقش ويفكر بصوت مرتفع يسمعه جميع الأردنيين في مملكة تأسست على المكاشفة والتسامح، وجعلت من العزم روحًا وضميرًا وطريقًا.