هناك استغراب دولي حول موقف الأردن من قضية الضم وذلك الاستغراب ليس موجها الى جوهر الرفض الأردني انما موجه الى الحزم والصلابة وعدم الليونة التكتيكية في رفض هذا المشروع وهو ذلك الأسلوب الذي اعتمدته دائما الدبلوماسية الأردنية في معالجة كل القضايا السياسية.
طبعا هذا من خلال قدرة الدبلوماسية الأردنية على التماهي مع المستجدات السياسية الطارئة والعابرة في التوقيت والاهداف لكنها وكعهدها دائما في الاستحقاقات الوطنية والقومية الكبرى وفي المنعطفات حادة الزوايا يكون الموقف واضحا حازما غير قابل لأي تأويل او نقاش حتى في استقبال أي اقتراح لا ينطلق من تلك الثوابت الخاصة في القضية الفلسطينية مهما تعالت الأصوات هنا وهناك على اعتماد أسلوب انتهازي في معالجة الثوابت السياسية القائمة على قاعدة فن الممكن.
هذا ما جعل الموقف الأردني بالنسبة لقضية الضم يعتبر مرجعية ارتكزت عليها كل القوى الدولية المحبة للسلام والامن وكل القوى العالمية بمؤسساتها المدنية والحكومية واللاحكومية معتبرة ان تلك الصلابة والحزم لا يمكنها ان تكون بهذه الصورة الا ان التخوفات الأردنية تعبر عن قراءة حقيقية للواقع الموضوعي وقارئة حقيقية لما سيترتب الى التهاون في هذا الموضوع من كارثة سياسية تضرب عرض الحائط لآمال واحلام الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة لذلك كان الموقف الأردني المتفرد بوضوحه وحزمه يثير الاستغراب قبل ان يقوم الجهاز الدبلوماسي الأردني والذي يقوده جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين بكل تفاصيله في هذه المرحلة مع كل صناع القرار العالميين بشمولية كاملة حول مخاطر التهاون في التعاون مع هذا القرار فالاستنفار الأميركي والخلاف الذي وقع بين أعضاء الإدارة الأميركية المشرفة على ملف الضم والذي برز بين رئيس الامن القومي كوشنير وسفير الولايات الاميركية المتحدة في الكيان الصهيوني فريدمان حول التوقيت ومساحة الضم وشكله كل ذلك جاء نتيجة لجهد اردني وفلسطيني جيش خلفه موقف أوروبي امتد إلى موقف دولي يرفض الضم بكليته جزئيا أو كليا، أو من خلال أي شكل يقترحه الكيان الصهيوني للتخفيف من تداعيات ذلك المشروع.
وكما قيل في كواليس لجان الخرائط المشكلة من الإدارة الأميركية والكيان الصهيوني بأن الموقف الأردني جعل موضوع الضم موضوعا مفصليا لا يمكن المضي فيه دون اطر تجميلية أصبحت مكشوفه واوضحها وزير الخارجية الأردني عندما اعتبر بان التسريبات حول الضم الجزئي هو عبارة عن ذر للرماد في العيون ومحاولة للتخفيف من وطأة ردود الفعل العالمي على هذا المشروع.
من هنا فان تداعيات ذلك الضم بدأت من خلال ما شهدته العواصم الاوروبية من تحرك شعبي يرفض مشروع الضم قبل صدور أي قرار رسمي به علاوة عن بدء حراك فلسطيني منظم وممنهج بدأ يأخذ تفاعلا ملموسا على الأرض وسيتجلى بشكله الاوسع والاكبر يوم الأربعاء القادم بإعلانه يوم غضب فلسطيني وعالمي ضد هذا المشروع والذي التفت حوله وتوحدت كل الفصائل الفلسطينية في منظمة التحرير وخارجها ورفعت مستوى التنسيق من أجل وحدة الصف ووحدة المواجهة كأولوية قصوى فوق كل الالويات وجاء ذلك برفض الأردن كل الاتصالات الأميركية حول هذا الموضوع ورفض استقبال او التحدث عبر الهاتف مع أي من القادة الصهاينة وخاصة رئيس الموساد الصهيوني متزامنا مع رفض قاطع للتواصل بين السلطة والكيان رغم ما سربه الاعلام الصهيوني الى أسابيع او اشهر قادمة وتجلى ذلك كما اسلفت سابقا التهديد بحل السلطة وهذا ما فهم من خلال تصريح صائب عريقات بأن على الكيان الصهيوني أن يستعد لتجميع نفايات الضفة والقطاع لأنه مسؤول كدولة محتلة عن كل ما يخص الشعب المحتل.
مواضيع ذات صلة