رأينا
في مواجهة مسؤولة لخطط الضم الإسرائيلية تواصل جلالة الملك مع لجان وقيادات بالكونجرس الأميركي للتأكيد على الموقف الأردني المبدئي والثابت وغير القابل للمساومة أو التفاوض، والمتمسك بحق الفلسطينيين في إنشاء دولتهم المستقلة والقابلة للحياة، والتشديد على جدية الأردن في الانخراط ضمن أية جهود تكفل حقوق الشعب الفلسطيني وتضمن الاستقرار في المنطقة طالما كانت في إطار حل الدولتين الذي ارتضته جميع الأطراف التي تبحث عن سلام حقيقي وعادل في المنطقة.
يأتي الموقف الملكي في توقيت حساس تحرص إسرائيل على استثماره وسط انشغال العالم بجهود مكافحة وباء كورونا، ويشكل الصوت الملكي في التوقيت الراهن الصوت الوحيد الذي يجاهر باستعداده لاتخاذ المواقف المتشددة في مواجهة الاستخفاف الإسرائيلي بالحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني، وسعي القيادة الإسرائيلية المأزومة لتصدير مشكلاتها وتناقضاتها إلى الجانبين الفلسطيني والأردني.
تعكس قدرة الدبلوماسية الأردنية على استقطاب هذه القيادات السياسية الأميركية مدى الثقة التي توليها النخبة السياسية في واشنطن للأردن، حيث انعقدت هذه المشاورات والاتصالات في فترة تشهد خلالها الولايات المتحدة أزمة الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد والتي تستهلك وقتًا واسعًا من الاشتباك السياسي بين الحزبين في فترة حرجة قبيل الانتخابات الأميركية المقبلة.
يدفع الأردن بثقله السياسي والدبلوماسي في هذا التوقيت بكل شجاعة ومسؤولية، وبنبرة واضحة ومواقف ثابتة لا تدخل في إطار المساومة حتى لو كان يفتقد الإسناد اللازم من المجموعة العربية، وتعول كثير من الدول العربية على الجهود الأردنية لقناعتها بخبرة الملك ورؤيته في موضوع الصراع حول القضية الفلسطينية، وكما جرت العادة خلال السنوات الماضية يتوقع أن يحدث التصلب الأردني في الموقف من حل الدولتين انعطافة في الموقف العربي على المستويين الشعبي والرسمي.
وبما يتوازى مع المبادئ الأردنية الواضحة والثابتة تجاه حل الدولتين أتى حضور الأمير الحسين ولي العهد في الاجتماعات التي انعقدت تقنيًا وهاتفيًا لتعطي رمزية لأصول الموقف الأردني منذ تأسيس المملكة والتي تواصلت في عهد الملك الحسين الباني، وتعززت مع المواقف الشجاعة والمشهودة لجلالة الملك عبد الله الثاني والذي يحرص على أن تبقى أحد أركان ضمير الحكم في الأردن من خلال إدماج ولي العهد في التفاصيل والتحديات المتعلقة بالقضية الفلسطينية ليدرك الإسرائيليون أن الثوابت الأردنية جذرية وليست عرضة للنقاش وأنها باقية ومستمرة ما دامت الحقوق العربية والفلسطينية أسيرة التعنت الإسرائيلي.
يدفع الملك بخبرته السياسية وسمعته الدولية المرموقة وعلاقاته مع الشخصيات المؤثرة والوازنة في الخطوط الأولى من المواجهة التي ستشكل في المستقبل القريب أساسًا ومعيارًا لصياغة العلاقات الأردنية، وسيتقدم الأردن خلالها ليكون صوت العقل ولسان الحق الذي سيحمل مع عبد الله الثاني دون التهام الحقوق العربية والفلسطينية .