بلال حسن التل
يسجل لرئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي أنه من السياسيين الأردنيين الرسميين القلائل الذين كان لهم حركة ملحوظة، خلال الأيام القليلة الماضية من زمن كورونا، فقد تحلى بشجاعة أدبية دفعته للرد على إشاعة مغرضة، زعمت أنه المقصود بتغريدة جلالة الملك عبد الله الثاني التي أكد فيها جلالته إن لا أحد فوق القانون، فقد زعم بعضهم أن الرفاعي عاد من السفر بطائرته الخاصة مصابا بكورونا، وإنه رفض الحجر الصحي فنفى الرفاعي هذه الإشاعة ببيان رسمي، بين فيه جملة من الحقائق حول تاريخ سفره وعودته، قالباً السحر على الساحر، فاستفاد من حيث أراد مطلقي الإشاعة الإساءة إليه، وهو بالضبط ما فعله أيضاً عندما دفعته أحاديث السوء مضطرا للكشف عن مساهمته بمبلغ خمسين ألف دينار من ماله الخاص لدعم الجهد الوطني لمواجهة جائحة فيروس كورونا،بالأضافة إلى تنازله عن راتبه عن بقية المدة المتبقية من عمر مجلس الأعيان لصالح خزينة الدولة، ليواصل حضوره بنشر مقال طويل ناقش فيه أمر الدفاع رقم (٦) وهو مقال يستحق الوقوف عنده ومناقشته، لما حمله من طروحات لم أستغربها من دولته ورؤيته الواضحة، فقد سبق لنا في جماعة عمان لحوارات المستقبل إن استضفناه مع عدد من أصحاب الدولة رؤساء الوزراء السابقين، في سلسلة حوارات ناقشنا فيها مع كل واحد منهم منفردا البرنامج الذي وضعه لحكومته، وما الذي نفذ منه و ما الذي لم ينفذ ولماذا؟ وأشهد أن برنامج ورؤية حكومة سمير الرفاعي كانتا مميزتين، وإن رياح (الخريف العربي) التي عصفت بحكومته أفقدت بلدنا فرصة لتنفيذ برنامج طموح، لحكومة عانى رئيسها من ظلم الانطباع الظالم المبني على أحكام مسبقة، لاتقوم على حقائق، بل على إشاعات، ولا تهدف الحق بل تقصد الكيدية، مما يوجب على الرئيس الرفاعي أن يحسم أمره ويخوضَ معركة إنصاف نفسه وتجربته، و تصحيح صورتهما الذهنية عند شرائح من الأردنيين
نعود إلى المقال الذي ابتدأه الرفاعي بجرعة تفاؤل لأن هذه ليست أول ولا أسوأ الأزمات التي يمر بها الأردن وانتصر عليها، مما يعكس ثقة بقدرة وطننا على تجاوز هذه الأزمة، وينشر طاقة إيجابية نحن أشد ما نكون حاجة إليها.
ينحاز الرفاعي في مقاله إلى معادلة التوازن بين الصحة وإبقاء عجلة الاقتصاد متحركة هو خيار غير سهل.
يعيب المقال على الحكومة عدم الاستفادة من الوقت الذي تأخرت فيه الأزمة حتى وصلتنا، فلم تقم الحكومة بالمزيد من الاحتياطات. كما يعيب عليها عدم الاستماع إلى أصحاب الخبرة، مشيدا بحكمة جلالة الملك ودعم القوات المسلحة و الأجهزة الأمنية وقدرات المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات و(السواد الأعظم من الجسم الطبي؟).
يدعو الرفاعي للالتفات إلى الأهم وهو إدامة الحياة خاصة شقها الاقتصادي مؤكداً أن معظم ما اتخذته الحكومة ضيق ويصب في صالح القطاعات الكبرى ولا يخفف عن المواطن ولا يمتلك رؤية شمولية تتوافق مع توجيهات جلالة الملك.
بعد ذلك يناقش الرفاعي في مقاله أمر الدفاع رقم( ٦)، فيصفه كمن يعالج الشلل بعقار للرشح، والأسوأ أن الحكومة لم تستمع للخبراء ولم تفعل الجوانب الأهم في أمر الدفاع رقم(٦) ومن ثم لم نر حلولا للمشاكل الحقيقية، وهذا القصور في نظرة الحكومة قد يشكل المسمار الأخير في نعش الدورة الاقتصادية التي لم تبادر إلى اقتطاع ولو هزيل من رواتب كبار موظفي مسؤولي القطاع العام والمؤسسات شبه الرسمية.
يصف الرفاعي مجمل إجراءات الحكومة بأنها: لا تضع وجبة على المائدة، وإنها تشبه من يريد أن يحميك من غاز سام فيكتم انفاسك بيديه، ويرى الرفاعي ان تشبث بعض الوزراء بارائهم يعني زيادة مضطردة في نسب الفقر والبطالة.
يقدم الرفاعي مقاله، جملة من المقترحات القابلة للتطبيق، نظن أن من واجب الحكومة مناقشتها مع صاحبها، كما إن من واجب أهل الاختصاص مناقشة مقترحات الرفاعي لإثرائها، لعل ذلك يكون مدخلا لوصولنا بجهد جماعي إلى خارطة طريق وطنية لإنقاذ اقتصادنا وانتباها منا لناقوس الخطر الذي قرعه سمير الرفاعي.