خدمة الدفع الالكتروني
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق دراسات وتحقيقات أخبار مصورة صحة وجمال كاريكاتور إنفوجرافيك علوم وتكنولوجيا منوعات طفل وأسرة عين الرأي الرأي الثقافي

مواجهة التداعيات الاقتصادية

طباعة
انسخ الرابط
تم النسخ
د. محمد أبو حمور جاءت التوجيهات الملكية السامية بضرورة النظر في استئناف عمل القطاعات الاقتصادية مع الحفاظ على المعايير والمتطلبات الصحية ادراكاً لأهمية الاقتصاد واثره على حياة المواطنين وايماناً بان أولوية الحفاظ على حياة المواطنين وصحتهم يمكن ان تتحقق بالتوازي مع الاولويات الهادفة لحماية الاقتصاد وضمان استدامته.

وما ميز هذه التوجيهات انها أكدت ضرورة التشاور والتنسيق مع القطاع الخاص في اطار شراكة حقيقية تضمن مواجهة المستجدات المستقبلية وتضمن دعم واستدامة قطاع الاعمال والحفاظ على حقوق العاملين بحيث تتجلى عبر اجراءات وخطوات ذات تأثير مباشر وداعم للقطاعات المستهدفة تنعكس على الظروف المعيشية للمواطنين.

بالرغم من ان الحديث حول الاثار السلبية لوباء الكورونا على الاقتصاد العالمي والمحلي يحتل مركز الصدارة في هذه الايام، الا انه ومن باب الانصاف لا بد من الاشارة الى ان الاقتصاد الاردني شهد خلال الفترة الماضية نشاطات مبشرة، فبعد مضى حوالي شهر منذ بدء سياسة الاغلاق والتباعد الاجتماعي ، والتي تشير نتائجها حتى الان الى تحقيق نتائج مميزة في مجال الحفاظ على صحة المواطنين والحد من انتشار الوباء، هناك ايضاً بوادر لسياسات مبشرة تسعى الى اعادة الحياة للنشاطات الاقتصادية.

فبعد أن أقتصرت النشاطات الاقتصادية على قطاعات الاغذية والادوية والمطهرات خلال الفترة السابقة نرى اليوم تكامل في سلسلة التوريد والتزويد لهذه القطاعات مع البدء في تنشيط قطاعات اضافية، حيث تستمر شركة البوتاس في اعمالها الانتاجية كما استؤنف العمل في مؤسسات مدينة الحسن الصناعية، حيث تم استئناف العمل في بعض المشاريع الهامة مثل صيانة الطريق الصحراوي ومشروع الباص السريع.

وخلال الايام الماضية عادت البنوك ومحلات الصرافة لتقديم خدماتها للمواطنين وتم تفعيل مكاتب الاتصالات، وهناك تفكير جدي باستناف الحياة الاقتصادية وعمل المشاريع في محافظات الجنوب بعد ان ثبت خلوها من الوباء، كما ان العمل جارٍ لتمكين التكسي الاصفر من العمل في مجال ايصال البضائع والخدمات للمواطنين وفق اشتراطات وتعليمات محددة.

هذا بالاضافة الى الترتيبات المتعلقة بعودة الانتاج في بعض الصناعات بشكل تدريجي وبما يراعي متطلبات الصحة العامة، وهذه المؤشرات تؤكد على اننا نتقدم ببطء ولكن في الاتجاه الصحيح ، ولا ننسى أيضاً ان التعليم مستمر عن بعد رغم اغلاق اللمدارس والجامعات .

وهناك العديد من الشركات التي تواصل أعمالها عن بعد وبكفاءة عالية. وعندما نشير الى هذه الجوانب فذلك من باب الوعي بأهمية النظر الى مختلف الجوانب ، خاصة وان الاقتصاد يتميز عادة بانه يعكس ما يعتقده المستثمرون والمستهلكون، ومن هنا تأتي أهمية الاشارة لهذه النواحي الايجابية.

أشار البنك الدولي في أحدث تقاريره الى الاثر السلبي للتطورات العالمية الأخيرة، في ضوء جائحة كورونا، على آفاق النمو ليس في الأردن فقط وانما على مستوى المنطقة والعالم، ويوضح التقرير أن التقديرات الخاصة بكلفة الأزمة الحالية غير مستقرة، لأنه يتعذر التنبؤ بكيفية رد فعل الاقتصاد العالمي والسياسات الوطنية والمجتمعات.

حيث إنه حتى الأول من نيسان، كانت التغيرات في التوقعات تشير إلى أن التكلفة بالنسبة للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تصل إلى حوالي 3.7% من إجمالي الناتج المحلي للمنطقة عام 2019 ، أي حوالي 116 مليار دولار، مقابل 2.1% حتى يوم 19 آذار الماضي. وتشير تقديرات بعض الجهات الاخرى الى ان الوباء الحالي سيخفض النمو العالمي بنحو نصف نقطة مئوية، في حين ان هناك توقعات اخرى بانخفاض نسبة النمو الى الصفر ، اما الاتحاد الدولي للنقل الجوي فيحذر من أن أثر الفايروس يمكن أن يكلف شركات النقل الجوي العالمية ما يصل الى 113 مليار دولار من الإيرادات في عام 2020.

جاءت الازمة الحالية في توقيت تفاءلنا بعدد من المؤشرات الايجابية مثل ارتفاع الدخل السياحي وتحويلات العاملين وارتفاع حجم الصادرات، التي ارتفعت بما يزيد عن 18% خلال الشهر الاول من هذا العام مقارنة بنفس الشهر من العام السابق، الا أن تسارع الاحداث جاء بعكس ما كان متوقعاً.

فالانتشار السريع للوباء في مختلف دول العالم وما تبع ذلك من اثار صحية واجتماعية واقتصادية أدى الى اغلاق الحدود والمطارات وتوقف حركة النقل، وهكذا أصبح قطاع السياحة أشد القطاعات تراجعاً، فحركة النقل الجوي توقفت والفنادق خلت من النزلاء والاماكن الاثرية لم تعد تستقبل أحداً، والمطاعم والمقاهي أغلقت ، وتوقفت المواصلات العامة فتراجع قطاع النقل بمختلف وسائطه الى مستويات لم يشهدها من قبل، وكذلك اغلقت المتاجر والمحلات الحرفية أضافة الى المؤسسات التعليمية بما فيها المدارس والجامعات وتوقفت معظم المصانع عن العمل.

وظهرت العديد من التحليلات والتنبؤات والتقديرات حول الخسائر الاقتصادية التي نجمت او سوف تنجم عن ذلك ، ولكن كل هذه التحليلات والتقديرات تبقى قاصرة عن تحديد الاثر الفعلي المتوقع لان ذلك يرتبط بالعامل الاهم وهو الفترة التي سوف تستمر فيها هذه الاغلاقات وما هو المدى الزمني لانحسار الوباء، وحتى اذا انحسر محلياً فهل يمكن الاطمئنان الى ان الامور عادت الى سابق عهدها مع تواصل تفشي الوباء في الدول الاخرى والتي نرتبط بها بعلاقات تجارية وانسانية ، وهل سوف نستعيد القدرات الانتاجية وامكانيات التصدير لمنتجاتنا او استيراد الاحتياجات المختلفة سواء المواد الغذائية او مدخلات الانتاج بنفس السلاسة التي تعودنا عليها.

ومن الواضح اننا نواجهة اليوم ظروفاً استثنائية ولمواجهتها لا بد من اتخاذ إجراءات استثنائیة وشجاعة غیر مسبوقة تنسجم مع الظرف الذي نواجه وذلك لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وتقليص الاثار السلبية لادنى حد ممكن، حيث يمكن لبعض القطاعات ان تستعيد نشاطها بشكل جيد اذا استطاعت ان توفر المتطلبات الصحية بما في ذلك التباعد الاجتماعي.

تؤكد التطورات المتلاحقة ضرورة العمل على حماية القطاعات الانتاجية وخاصة قطاعي الزراعة والصناعة وذلك لدورهما المميز في الحفاظ على الامن الغذائي وعلى توفير فرص العمل التي نحن بأمس الحاجة لها ، كما لا بد من الاهتمام بقطاع تكنولوجيا المعلومات الذي اثبت انه يمكن ان يشكل رديفاً وداعما لقطاعات اقتصادية متعددة، ولا بدخلال المرحلة القادمة من التدرج في تشغيل القطاعات الاقتصادية وفق أولويات وومتطلبات واضحة ومحددة، كما يمكن العمل على تحفيز وتفعيل التجارة الإلكترونية للقطاعات القادرة على العمل من خلال البيع شبكة الانترنت.

سبق وان تناولنا ما قامت الحكومة باتخاذه من اجراءات لتحفيز الاقتصاد وخاصة ما يتعلق بالسياسة النقدية ، الا أن هناك العديد من المطالبات بضرورة توفير دعم وحوافز اضافية لشركات القطاع الخاص وخاصة الصغيرة والمتوسطة، باعتبار ان العديد من هذه الشركات غير قادر على الوصول لمصادر التمويل من المصارف، أضافة لذلك هناك مطالبات ان تتولى الحكومة المساهمة في تحمل جزء من رواتب العاملين في القطاعات التي ليست لديها امكانية العودة للعمل في وقت قريب.

ويستند القائلون بهذا الراي الى ان معظم الشركات الصغيرة تعتمد على نتائج اعمالها اليومية لتأمين رواتب العاملين وليس لديها احتياطيات نقدية تمكنها من تحمل ظروف الاغلاق، وتنسحب هذه المطالبات ايضاً لتشمل الحرفيين وعمال المياومة الذين لم يعد لديهم مصدر دخل بعد اغلاق محلاتهم وتعطل أعمالهم، خاصة وان استمرار تعطل الاعمال لفترات أطول قد يؤدي الى تداعيات اجتماعية بما في ذلك زيادة نسب الفقر والبطالة .

من المستبعد ان تستطيع الحكومة والبنك المركزي التغلب على التبعات الاقتصادية لهذه الازمة دون مشاركة فاعلة من القطاع الخاص والمجتمع بشكل عام، لذلك لا بد من ايجاد السبل الكفيلة بترسيخ التعاون والتنسيق بين الجهات الحكومية والقطاع الخاص والعمل بروح الفريق الواحد كما أكدت التوجيهات الملكية.

وفي هذا الاطار فقد قام عدد من الجهات بتقديم اقتراحات وأوراق عمل بما فيها المنتدى اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷردني ومنتدى الاستراتيجيات والمجلس الاقتصادي والاجتماعي ومجلس النواب وجمعية رجال الاعمال وبعض الاحزاب السياسية ، ويمكن الاستفادة من مقترحاتها وتفعيل الممكن منها وفق اليات محددة وحسب الامكانات المتاحة، وتضمنت هذه الاوراق اقتراحات بتبني خطة تحفيز اقتصادي بكلفة تعادل حوالي 7% من الناتج المحلي الاجمالي بهدف تجنب ركود اقتصادي متوقع نتيجة للأزمة الراهنة، وبحيث تتضمن خطط التحفيز تأجيل وتقسيط الرسوم والضرائب واشتراكات الضمان المستحقة على المؤسسات المتضررة، وكذلك تسديد المستحقات المتأخرة والرديات الضريبية المطلوبة من الحكومة لمؤسسات القطاع الخاص .

في خضم الحديث عن الاثار السلبية للوباء يتم التركيز عادة على الاضرار التي ستلحق بالقطاع الخاص ، وكثيراً ما يتم تجاهل الخسائر والاضرار المترتبة على الموازنة العامة ومالية الحكومة ، بل على العكس من ذلك يطلب منها ان تعمل على تعويض القطاعات الاقتصادية او المتعطلين عن العمل وهذا ليس بمستغرب لاسباب عدة أهمها ان الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وتحفيز الاستثمارات التي توفر فرص عمل هي من واجبات الحكومة .

كما ان ايرادات الحكومة مرتبطة بمدى تطور القطاع الخاص وربحيته، فالضرائب والرسوم ما هي الا نتيجة لعمل القطاعات الاقتصادية المختلفة، ولكن هذا الواقع لا بد ان يلفت النظر الى بحث مسألة مهمة وهي قدرة الحكومة على توفيز الحوافز التي تمكن الاقتصاد من مواجهة الظروف الطارئة الحالية، وهل يمكن للحوافز التي توفرها السلطات النقدية ممثلة بالبنك المركزي وقطاع المصارف ان تكون قادرة على التصدي للتبعات الاقتصادية والمالية للازمة ام ان تكامل السياسات النقدية والمالية لا بد منه لتحقيق النتائج المتوخاة.

ويجب الإقرار بأن هناك مجموعة من القرارات الصعبة التي يجب اتخاذها بحيث لا تخرج الأمور عن السيطرة؛ أولها مرتبط بإعادة ترتيب الأولويات وسبل الإنفاق، واذا كانت المعضلة فيما يتعلق بمعالجة نقص السيولة لدى الافراد والشركات هو التخوف من تحول ذلك مستقبلاً الى عدم القدرة على تسديد الديون.

فمشكلة المالية العامة قد تكون أعمق من ذلك ففي الوقت الذي تتقلص فيه الايرادات يطلب منها ليس الحفاظ على مستوى الانفاق فقط وانما زيادته للتمكن من مواجهة اعباء الوباء وايضاً دعم القطاعات الاقتصادية المتضررة،لا شك انها معادلة صعبة وتتداخل فيها العديد من العناصر مما يستلزم العودة لمناقشتها وتوضيح افضل السبل والسياسات والامكانات المتاحة امام المالية العامة للتعامل مع هذا الظرف في مقال قادم.

وزير مالية سابق
محليات اقتصاد عربي ودولي رياضة فيديو كتاب مجتمع شباب وجامعات ثقافة وفنون ملاحق
جميع الحقوق محفوظة المؤسسة الصحفية الاردنية
Powered by NewsPress
PDF