رأينا
في لفتة عابرة للحدود والقوميات جابت قارات العالم وانتقت جمعاً من القادة المؤثرين في عالم اليوم، طلبت صحيفة الفاينانشال تايمز البريطانية من جلالة الملك ورؤساء ألمانيا وسنغافورة وأثيوبيا والإكوادور صياغة مقالة مشتركة توجه للإنسانية كافة في هذه اللحظة غير المسبوقة من تاريخ الأرض منذ بدأت الحضارة الإنسانية في التشكل وأخذت في التطور.
حددت هذه المقالة/ الرسالة الخطوط العريضة لما يجب أن يكون عليه العالم في الحقبة المقبلة، وتقدم الملك بين هذه النخبة من القيادات الإنسانية ليكمل على ما كان قدمه للعالم من مقترح قبل سنوات بتعزيز انترنت الإنسان وتقديمه على انترنت الأشياء، وفي هذه الرسالة تظهر الملامح المبكرة لدعوة لإنسانية أكثر تعاوناً وتضامناً، وتنطلق دعوة جديدة من أجل اقتصاد الإنسانية والإنسان، والأردن اليوم يمثل منطقة واسعة من البلدان، فهو يمثل المنطقة العربية، ومنطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، ويأتي التماس مشاركة الملك تأكيداً على دوره في تعزيز دبلوماسية من نوع خاص ركزت على الجانب الإنساني، وسعت في كل المناسبات إلى التأكيد على ضرورة إحلال السلام والاستقرار في كل مكان من العالم.
ستبقى هذه المقالة/الرسالة طويلاً في أدبيات العلاقات الدولية، وستجد مكانها بجانب رسائل الزعيم الهندي مهاتما غاندي وعالم الفيزياء الألماني الشهير ألبرت آينشتاين التي أرسلت قبل عقود من الزمن لقادة العالم من أجل السعي إلى تجنب الحرب وتعزيز السلم الدولي، وستفتح عصراً جديداً من العلاقات الدولية بوصفها أول الأدبيات المشتركة والممثلة لقارات العالم المختلفة في دعوتها إلى حشد كامل القوى البشرية لمواجهة فيروس الكورونا المستجد، بعد نبذ الخلافات والصراعات الجيوسياسية التي مثلت الدعوة الرئيسية للمقالة.
اشتملت الرسالة إلى تحالف عالمي يسعى إلى تعزيز البحث العلمي وتمويله من أجل التوصل إلى علاجات ولقاحات، والتركيز على الاستثمار في انتاج المعدات الطبية الضرورية، مع ضمان عدالة شراء وتوزيع هذه الحلول التي تعبر عن ثمرة التعاون الإنساني في هذه المحنة، ولم يتناس القادة اللاجئين كفئة من البشرية أصبحت تعاني أكثر من غيرها وتدفع ثمن الصراعات السياسية.
أكدت الرسالة على وقوف الجميع سواسية في مواجهة الفيروس، وعلى ثقتهم في الإبداع الإنساني وقدرته على النجاح، إذا ما توفر التضامن المطلوب لإنقاذ حياة الناس وبناء مستقبل أفضل، وأرست هذه المقالة مفهوم المنفعة العامة العالمية الذي سيتحول إلى مفهوم جوهري في عالم ما بعد الكورونا.
مشاركة جلالة الملك في هذه المقالة/ الرسالة تؤكد على نظرة العالم الإيجابية التي تحمل التقدير للأردن وقيادته ودوره في المنطقة والعالم، وتؤشر إلى نجاح الأردن بإمكانياته المحدودة بوضعه قدماً في بناء قيادة مسؤولة في العالم تستطيع أن تعبر بالإنسانية إلى المستقبل المزدهر، وتأتي هذه المشاركة لتكون ممثلة لجميع الأردنيين الذين ضربوا أفضل الأمثلة في الاستجابة والالتزام في جهود وطنية محترمة أصبحت بين النماذج العالمية المتقدمة في مواجهة الوباء الذي يجتاح الإنسانية، فالأردن لم يقتصر دوره على خدمة نفسه، ولكن أدواره وبتوجيهات ملكية امتدت لدول أخرى تعاني من آثار الفيروس ومخاطره بينما تملصت من هذه الأدوار دول كبرى ومؤثرة.