رأينا
دخلت الأردن بالأمس مرحلة احتواء فيروس كورونا وأصدرت الحكومة مجموعة من القرارات المهمة، وبدأت قطاعات من الشباب الأردني تعلن تطوعها لتقديم أي خدمة ربما يتطلبها العمل في هذه الظروف العصيبة وغير المسبوقة التي وقفت أمامها حتى الدول الكبرى بكثير من الحيرة، ويمكن أن يكون الأردن في ظرف أفضل نسبياً نتيجة ميزة الوقت وتراكم بعض الخبرات، ولو كانت شحيحة، من تجارب الدول الأخرى، ولا يبدو أن الدولة الأردنية ستحتاج من المواطنين في هذه المرحلة إلا الالتزام الكامل بتوجيهاتها وطلباتها لتتمكن من التصرف بالكفاءة الكاملة وضمن الأصول التي تقرها وتدعمها منظمة الصحة العالمية.
أطلقت الحكومة أيضاً مجموعة من الأطر الإرشادية والتوجيهية للقطاع الخاص وناشدت جميع الأطراف الالتزام بما يسهم جدياً في إنجاح جهودها للتخفيف من وطأة المخاطر المرتبطة بالفيروس، والتعاون سيسهم في الحيلولة دون تكبد تكلفة عالية على الاقتصاد الوطني في المدى البعيد، وتراهن الحكومة على المسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ولجميع فعاليات المجتمعات المحلية لتكون عاملاً مساعداً في الخروج من الأزمة.
تسعى الحكومة لإدارة المجتمع ضمن الأسس القانونية، وتمتلك حزمة من الخيارات في حالة انفلات التصرفات الأنانية وتهديدها للسلامة المجتمعية، وباستيعاب ردة الفعل العفوية التي شهدتها أماكن التسوق والتي تشابهت مع كل الدول الأخرى، يجب أن تتوجه جهود التوعية إلى تنظيم السوق بحيث لا يقوم المواطنون بالعمل ضد مصالحهم في المدى القريب والمتوسط، فالأردن يمتلك احتياطياً جيداً من المواد التموينية، والأزمة ليست مرشحة للاستمرار طويلاً، والتهافت على الشراء يرفع الأسعار نتيجة العامل النفسي الذي لا يقوم على أسس حقيقية.
لن تسمح الدولة الأردنية لأحد باستغلال الأزمة ليحقق مكاسب شخصية على حساب الأردنيين، ولكن الرقابة ليست مسؤولية الحكومة وحدها، كما أن مسؤولية الأفراد بمساعدة أنفسهم تبقى العنصر الأهم في منظومتنا الوطنية لمواجهة مخاطر الفيروس، فعندما يكون الحديث عن وباء فتجنب العدوى هو الأسلوب الأمثل للمشاركة في تحقيق سلامة الجميع، ويتحقق ذلك من خلال الانضواء الكامل في عملية الاحتواء التي تقودها الحكومة، ولا يجب لغيرها أن يزاحمها أو ينافسها في هذه الظروف.
قد توجد ملاحظات أو انتقادات تجاه بعض جوانب الأداء لدى الأجهزة الحكومية، ولكنها يجب أن تتراجع حالياً وأن يكون الحديث مع الحكومة نفسها وبروح التشاركية، وأن يتوقف المتطلعون والمتنافسون ومن يطرحون أنفسهم كبدلاء جاهزين عن قنص بعض أوجه القصور، فبعض القصور أهون من افتتاح بازار للاستعراض ولفت الانتباه الذي سيؤدي إلى ارتباك لا نحتاجه، ولا يمكن تمريره.