أما المصطلح الثاني فهو السيدة والآنسة فنحن نطلق لفظ الآنسة على غير المتزوجة وعلى المتزوجة (السيدة) ويمكن أن نجتهد فنقول إن لفظ الآنسة يطلق على المتزوجة لإنها المؤنسة لزوجها وأطفالها أما السيدة فيطلق على غير المتزوجة لإنها سيدة نفسها أما ما أود قوله في هذه العجالة فإن الإسلام قدّ كرم الأنثى قبل أن تولد وجعلها هبة من الله (يهب لمن يشاء إناثاً) وكرمها ابنه وجعلها ستراً من النار، وجعل الجنة تحت أقدامها، وجعل القتال دون عرضها شهادة وأوجب الإسلام لها ذمة مالية منفصلة إلا بطيب خاطر منها، وجعل إنفاقها على بيت زوجه? فضلاً وليس واجباً، لإن الأصل في الإنفاق هو على الرجل (وبما انفقوا من أموالهم) وجعل عملها في بيت زوجها فضلاً وليس واجباً، وواجب على الزوج إحضار خادمة لها إذا كان في بيت ابيها خادمة وجعل البيت لها (ولا تخرجوهن من بيوتهن) وأوجب عشرتها بالمعروف (وعاشروهن بالمعروف) وحتى في حالة الخلاف (سراحاً جميلاً).
لم يقف الإسلام عند فهم نصوص من عمل المرأة ووصولها إلى أعلى مراتب الدولة حتى رئاستها وإن كان هذا موضع نقاش ولكنه رأي مطروح وله أدلته ووجاهته والاعتداد بحديث (ما أفلح قوم ولوّا امرهم إمرإة) كان حديثاً خاصاً للفرس عندما تولت ابنة كسرى الحكم.
أفتخر بأنني من أنصار النساء في مجتمع ضاعت فيه الأنثى بين التقاليد الراكدة والتقاليد الوافدة، وإن لي أربعاً من البنات يحملن درجة الدكتوراة ثلاث منهن تخرجن في يوم واحد من أرقى الجامعات البريطانية وهن الآن أستاذات في الجامعات أي انني من أنصار تعليم المرأة التي كانت في تاريخنا أديبة وشاعرة وفقيهة ومحاربة بالسيف.
لقد استحوذ على مشهد النساء في عالمنا إلا من رحم ربي نساء مخمليات العيش لم يعرفن الحطّابة والعشّابة والعّجانة من نساء الريف اللواتي ترفع لهن القبعات، نساء عاملات وفي التاريخ القريب لم يكن متعلمات ولكنهن خرجّن المتعلمين، وإن الذين أرادوا تحرير المرأة ورفعوا هذا الشعار في أصوله كان تحرير المرأة من الإسلام وليس تحريرها بالإسلام.
